* فلست بإنسي ولكن لملأك * تنزل من جوف السماء يصوب * وقال الزمخشري: (فإن قلت): علام عطف ولا الملائكة المقربون؟ (قلت): إما أن يعطف على المسيح، أو على اسم يكون، أو على المستتر في عبدا لما فيه من معنى الوصف، لدلالته على معنى العبادة، وقولك: مررت برجل عبد أبوه، فالعطف على المسيح هو الظاهر لأداء غيره إلى ما فيه بعض انحراف عن الغرض، وهو أن المسيح لا يأنف أن يكون هو ولا من فوقه موصوفين بالعبودية، أو أن يعبد الله هو ومن فوقه انتهى. والانحراف عن الغرض الذي أشار إليه هو كون الاستنكاف يكون مختصا بالمسيح، والمعنى القائم اشتراك الملائكة مع المسيح في انتفاء الاستنكاف عن العبودية، لأنه لا يلزم من استنكافه وحده أن يكون هو والملائكة عبيدا، أو أن يكون هو وهم يعبد ربه استنكافهم هم، فقد يرضى شخص أن يضرب هو وزيد عمرا ولا يرضى ذلك زيد ويظهر أيضا مرحوجية الوجهين من جهة دخول لا، إذ لو أريد العطف على الضمير في يكون، أو على المستتر في عبدا. لم تدخل لا، بل كان يكون التركيب بدونها تقول: ما يريد زيد أن يكون هو وأبوه قائمين، وتقول: ما يريد زيد أن يصطلح هو وعمرو، فهذان ونحوهما ليسا من مظنات دخول لا، فإن وجد من لسان العرب دخول لا في نحو من هذا فهي زائدة.
* (ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا) * حمل أولا على لفظ من فأفرد الضمير في يستنكف ويستكبر، ثم حمل على المعنى في قوله: فسيحشرهم ، فالضمير عائد على معنى من هذا هو الظاهر، ويحتمل أن يكون الضمير عاما عائدا على الخلق لدلالة المعنى عليه، لأن الحشر ليس مختصا بالمستنكف، ولأن التفصيل بعده يدل عليه. ويكون ربط الجملة الواقعة جوابا لاسم الشرط بالعموم الذي فيها، ويحتمل أن يعود الضمير على معنى من، ويكون قد حذف معطوف عليه لمقابلته إياه التقدير: فسيحشرهم ومن لم يستنكف إليه جميعا كقوله: * (سرابيل تقيكم الحر) * أي: والبرد. وعلى هذين الاحتمالين يكون ما فصل بإما مطابقا لما قبله، وعلى الوجه الأول لا يطابق. والإخبار بالحشر إليه وعيد إذ. المعنى به الجمع يوم القيامة حيث يذل المستنكف المستكبر. وقرأ الحسن: بالنون بدل الياء في فسيحشرهم، وباء فيعذبهم على التخفيف.
2 (* (فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا * ياأيها الناس قد جآءكم برهان من ربكم وأنزلنآ إليكم نورا مبينا * فأما الذين ءامنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم فى رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما * يستفتونك قل الله يفتيكم فى الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثهآ إن لم يكن لهآ ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونسآء فللذكر مثل حظ الا نثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شىء عليم) *)) 2 * (فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله) * أي لا يبخس أحدا قليلا ولا كثيرا، والزيادة يحتمل أن يكون في أن الحسنة بعشر إلى سبعمائة، والتضعيف الذي ليس بمحصور في قوله: * (والله يضاعف لمن يشاء) * قال معناه ابن عطية رحمه الله تعالى.
* (وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا) * هذا وعيد شديد للذين يتركون عبادة الله أنفة تكبرا. وقال ابن عطية: وهذا الاستنكاف إنما يكون من الكفار عن اتباع الأنبياء وما جرى مجراه كفعل حيي بن أخطب وأخيه أبي ياسر وأبي جهل وغيرهم بالرسول، فإذا فرضت أحدا من البشر عرف الله فمحال أن تجده يكفر به تكبرا عليه، والعناد إنما يسوق إليه الاستكبار على البشر، ومع تفاوت المنازل في ظن المستكبر انتهى. وقدم ذكر ثواب المؤمن لأن الإحسان إليه مما يعم المستنكف إذا كان