ميراث مولى الموالاة وبه قال: أبو يوسف، وأبو حنيفة، وزفر، ومحمد، قالوا: من أسلم على يد رجل ووالاه وعاقده ثم مات ولا وارث له غيره، فميراثه له. وروى نحوه عن يحيى بن سعيد، وربيعة، وابن المسيب، والزهري، وإبراهيم، والحسن، وعمر، وابن مسعود. وقال مالك، وابن شبرمة، والثوري، والأوزاعي، والشافعي: ميراثه للمسلمين. وقد أطال الكلام في هذه المسألة أبو بكر الرازي ناصرا مذهب أبي حنيفة.
وقرأ الكوفيون: عقدت بتخفيف القاف من غير ألف، وشدد القاف حمزة من رواية علي بن كبشة، والباقون عاقدت بألف، وجوزوا في إعراب الذين وجوها. أحدها: أن يكون مبتدأ والخبر فآتوهم. والثاني: أن يكون منصوبا من باب الاشتغال نحو: زيدا فاضربه. الثالث: أن يكون مرفوعا معطوفا على الوالدان والأقربون، والضمير في فآتوهم عائد على موالي إذا كان الوالدان ومن عطف عليه موروثين، وإن كانوا وارثين فيجوز أن يعود على موالي، ويجوز أن يعود على الوالدين والمعطوف عليه. الرابع: أن يكون منصوبا معطوفا على موالي قاله: أبو البقاء، وقال: أي وجعلنا الذين عاقدت وراثا، وكان ذلك ونسخ انتهى. ولا يمكن أن يكون على هذا التقدير الذي قدره أن يكون معطوفا على موالي لفساد العطف، إذ يصير التقدير: ولكل إنسان، أو: لكل شيء من المال جعلنا وراثا. والذين عاقدت أيمانكم، فإن كان من عطف الجمل وحذف المفعول الثاني لدلالة المعنى عليه أمكن ذلك، أي جعلنا وراثا لكل شيء من المال، أي: لكل إنسان، وجعلنا الذين عاقدت أيمانكم وراثا. وهو بعد ذلك توجيه متكلف، ومفعول عاقدت ضمير محذوف أي: عاقدتهم أيمانكم، وكذلك في قراءة عقدت هو محذوف تقديره: عقدت حلفهم، أو عهدهم أيمانكم. وإسناد المعاقدة أو العقد للإيمان سواء أريد بها القسم، أم الجارحة، مجاز بل فاعل ذلك هو الشخص.
* (إن الله كان على كل شىء شهيدا) * لما ذكر تعالى تشريع التوريث، وأمر بإيتاء النصيب، أخبر تعالى أنه مطلع على كل شيء فهو المجازى به، وفي ذلك تهديد للعاصي، ووعد للمطيع، وتنبيه على أنه شهيد على المعاقدة بينكم. والصلة فأوفوا بالعهد.
* (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) * قيل: سبب نزول هذه الآية أن امرأة لطمها زوجها فاستعدت، فقضى لها بالقصاص، فنزلت. فقال صلى الله عليه وسلم): (أردت أمرا وأراد الله غيره) قاله: الحسن، وقتادة، وابن جريج، والسدي وغيرهم. فذكر التبريزي والزمخشري وابن عطية: أنها حبيبة بنت زيد بن أبي زهير زوج الربيع بن عمر، وأحد النقباء من الأنصار. وطولوا القصة وفي آخرها: فرفع القصاص بين الرجل والمرأة، وقال الكلبي: هي حبيبة بنت محمد بن سلمة زوج سعيد بن الربيع. وقال أبو روق: هي جميلة بنت عبد الله بن أبي أوفى زوج ثابت بن قيس بن شماس. وقيل: نزل معها: * (ولا تعجل بالقرءان من قبل إن * يقضى * إليك وحيه) * وفي سبب من عين المرأة أن زوجها لطمها بسبب نشوزها. وقيل: سبب النزول قول أم سلمة المتقدم: لما تمنى النساء درجة الرجال عرفن وجه الفضيلة قيل: المراد بالرحال هنا من فيهم صدامة وحزم، لا مطلق من له لحية. فكم من ذي لحية لا يكون له نفع ولا ضر ولا حرم، ولذلك يقال: رجل بين الرجولية والرجولة. ولذلك ادعى بعض المفسرين أن في الكلام حذفا تقديره: الرجال قوامون على النساء إن كانوا رجالا. وأنشد:
* أكل امرئ تحسبين امرأ * ونار توقد بالليل نارا *