قال ابن عباس: النزل الثواب، وهي كقوله: * (ثوابا من عند الله) * وقال ابن فارس: النزل ما يهيأ للنزيل، والنزيل الضيف. وقيل: النزل الرزق وما يتغذى به. ومنه: * (فنزل من حميم) * أي فغذاؤه. ويقال: أقمت للقوم نزلهم أي ما يصلح أن ينزل عليه من الغذاء، وجمعه أنزال. وقال الهروي: الأنزال التي سويت، ونزل عليها. ومعنى من عند الله: أي لا من عند غيره، وسماه نزلا لأنه ارتفع عنهم تكاليف السعي والكسب، فهو شيء مهيأ يهيأ لهم لا تعب عليهم في تحصيله هناك، ولا مشقة. كالطعام المهيأ للضيف لم يتعب في تحصيله، ولا في تسويته ومعالجته. وانتصاب نزلا قالوا: إما على الحال من جنات لتخصصها بالوصف، والعامل فيها العامل في لهم. وإما بإضمار فعل أي: جعلها نزلا. وإما على المصدر المؤكد فقدره ابن عطية: تكرمة، وقدره الزمخشري: رزقا أو عطاء. وقال الفراء: انتصب على التفسير كما تقول: هو لك هبة وصدقة انتهى. وهذا القول راجع إلى الحال.
* (وما عند الله خير للابرار) * ظاهره حوالة الصلة على ما تقدم من قوله: نزلا من عند الله. والمعنى: أن الذي أعده الله للأبرار في الآخرة خير لهم، فيحتمل أن يكون المفضل عليه بالنسبة للأبرار أي خير لهم مما هم فيه في الدنيا، وإليه ذهب: ابن مسعود. وجاء * (وارحم وأنت خير الرحمين سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها) * ويحتمل أن يكون بالنسبة إلى الكفار، أي: خير لهم مما يتقلب فيه الكفار من المتاع الزائل. وقيل: خير هنا ليست للتفضيل، كما أنها في قوله تعالى: * (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا) * والأظهر ما قدمناه.
وللأبرار متعلق بخير، والأبرار هم المتقون الذين أخبر عنهم بأن لهم جنات. وقيل: فيه تقديم وتأخير. أي الذي عند الله للأبرار خير لهم، وهذا ذهول عن قاعدة العربية من أن المجرور إذ ذاك يتعلق بما تعلق به الظرف الواقع صلة للموصول، فيكون المجرور داخلا في حيز الصلة، ولا يخبر عن الموصول إلا بعد استيفائه صلته ومتعلقاتها.
* (وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم) * لما مات أصمحة النجاشي ملك الحبشة. ومعنى أصمحة بالعربية عطية، قال سفيان بن عيينة وغيره: (صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم)) فقال قائل: يصلي عليه العلج النصراني وهو في أرضه فنزلت، قاله: جابر بن عبد الله، وابن عباس، وأنس. وقال الحسن وقتادة: في النجاشي وأصحابه. وقال ابن عباس فيما روى عنه أبو صالح: في مؤمني أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وبه قال: مجاهد. وقال ابن جريج وابن زيد ومقاتل: في عبد الله بن سلام وأصحابه. وقال عطاء: في أربعين من نجران، واثنين وثلاثين من الحبشة، وثمانية من الروم، كانوا على دين عيسى فآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم)، ومن في لمن الظاهر أنها موصولة، وأجيز أن تكون نكرة موصوفة أي: لقوما. والذي أنزل إلينا هو القرآن، والذي أنزل إليهم هو كتابهم.
* (خاشعين لله لا يشترون بئايات الله ثمنا قليلا) * كما اشترت بها أحبارهم الذين لم يؤمنوا. وانتصاب خاشعين على الحال من الضمير في يؤمن، وكذلك لا يشترون هو في موضع نصب على الحال. وقيل: حال من الضمير في