عدل عن لفظ اثنين وعدل عن معناه. وذلك أنه لا يستعمل في موضع تستعمل فيه الأعداد غير المعدولة تقول: جاءني اثنان وثلاثة، ولا يجوز: جاءني مثنى وثلاث حتى يتقدم قبله جمع، لأن هذا الباب جعل بيانا لترتيب الفعل. فإذا قال: جاءني القوم مثنى، أفاد أن ترتيب مجيئهم وقع اثنين اثنين. فأما الاعداد غير المعدولة فإنما الغرض منها الأخبار عن مقدار المعدودون غيره. فقد بان بما ذكرنا اختلافهما في المعنى، فلذلك جاز أن تقوم العلة مقام العلتين لإيجابهما حكمين مختلفين انتهى ما قرر به هذا المذهب.
وقد رد الناس على الزجاج قوله: أنه عدل عن التأنيث بما يوقف عليه في كتب النحو، والزمخشري لم يسلك شيئا من هذه العلل المنقولة، فإن كان تقدمه سلف ممن قال ذلك فيكون قد تبعه، وإلا فيكون مما انفرد بمقالته. وأما قوله: يعرفن بلام التعريف، يقال: فلان ينكح المثنى والثلاث والرباع، فهو معترض من وجهين: أحدهما: زعمه أنها تعرف بلام التعريف، وهذا لم يذهب إليه أحد، بل لم يستعمل في لسان العرب إلا نكرات. والثاني: أنه مثل بها، وقد وليت العوامل في قوله: فلان ينكح المثنى، ولا يلي العوامل، إنما يتقدمها ما يلي العوامل، ولا تقع إلا خبرا كما جاء: * (صلواة * اليل * مثنى) *. أو حالا نحو: * (ما طاب لكم من النساء مثنى) * أو صفه نحو: * (أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع) * وقوله:
ذئاب يبغى الناس مثنى وموحدا وقد تجيء مضافة قليلا نحو، قول الآخر:
بمثنى الزقاق المترعات وبالجزر وقد ذكر بعضهم أنها تلي العوامل عل قلة، وقد يستدل له بقول الشاعر:
* ضربت خماس ضربة عبشمي * أدار سداس أن لا يستقيما * ومن أحكام هذا المعدول أنه لا يؤنث، فلا تقول: مثناة، ولا ثلاثة، ولا رباعة، بل يجري بغير تاء على المذكر والمؤنث. عال: يعول عولا وعيالة، مال. وميزان فلان عائل. وعال الحاكم في حكمه جار، وقال أبو طالب في النبي صلى الله عليه وسلم):
له شاهد من نفسه غير عائل وحكى ابن الأعرابي: أن العرب تقول: عال الرجل يعول كثر عياله. ويقال: عال يعيل افتقر وصار عالة. وعال الرجل عياله يعولهم ما نهم ومنه: (ابدأ بنفسك ثم بمن تعول) والعول في الفريضة مجاوزته لحد السهام المسماة. وجماع القول في عال: أنها تكون لازمة ومتعدية. فاللازمة بمعنى: مال، وجار، وكثر