العشرة لئلا يتوهم أن السبعة مع الثلاثة كقوله تعالى: * (وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام) * أي مع اليومين اللذين بعدها في قوله: * (خلق الارض فى يومين) *.
وقيل: ذكر العشرة لزوال توهم أن السبعة لا يراد بها العدد، بل الكثرة، روى أبو عمرو بن العلاء، وابن الأعرابي عن العرب: سبع الله لك الأجر، أي: أكثر، أرادوا التضعيف وهذا جاء في الأخبار، فله سبع، وله سبعون، وله سبعمائة، وقال الأزهري في قوله تعالى: * (سبعين مرة) * هو جمع السبع الذي يستعمل للكثرة، ونقل أيضا عن المبرد أنه قال: تلك عشرة، لأنه يجوز أن يظن السامع أن ثم شيئا آخر بعد السبع، فأزال الظن. وقيل: أتى بعشرة لإزالة الإبهام المتولد من تصحيف الخط، لاشتباه سبعة وتسعة، وقيل: أتى بعشر لئلا يتوهم أن الكمال مختص بالثلاثة المضمومة في الحج، أو بالسبعة التي يصومها إذا رجع، والعشرة هي الموصوفة بالكمال، والأحسن من هذه الأقاويل القول الأول.
قال الحسن: كاملة في الثواب في سدها مسد الهدي في المعنى لذي جعلت بدلا عنه، وقيل: كاملة في الغرض والترتيب، ولو صامها على غير هذا الترتيب لم تكن كاملة، وقيل: كاملة في الثواب لمن لم يتمتع.
وقيل: كاملة، توكيد كما تقول: كتبته بيدي، * (فخر عليهم السقف من فوقهم) *. قال الزمخشري: وفيه، يعني: في التأكيد زيادة توصية بصيامها، وأن لا يتهاون بها ولا ينقص من عددها، كما تقول للرجل: إذا كان لك اهتمام بأمر تأمره به، وكان منك بمنزلة: الله الله لا تقصر، وقيل: الصيغة خبر ومعناها الأمر، أي: اكملوا صومها، فذلك فرضها. وعدل عن لفظ الأمر إلى لفظ الخبر لأن التكليف بالشيء إذا كان متأكدا خلافا لظاهر دخول المكلف به في الوجود، فعبر عنه بالخبر الذي وقع واستقر.
وبهذه الفوائد التي ذكرناها رد على الملحدين في طعنهم بأن المعلوم بالضرورة أن الثلاثة والسبعة عشرة، فهو إيضاح للواضحات، وبأن وصف العشرة بالكمال يوهم وجود عشرة ناقصة، وذلك محال.
والكمال وصف نسبي لا يختص بالعددية. كما زعموا لعنهم الله:
* وكم من عائب قولا صحيحا * وآفته من الفهم السقيم * * (ذالك لمن لم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام) * تقدم ذكر التمتع، وذكر ما يلزمه، وهو: الهدي، وذكر بدله: وهو الصوم، واختلفوا في المشار إليه بذلك، فقيل: المتمتع وما يلزمه، وهو مذهب أبي حنيفة، فلا متعة، ولا قران لحاضري المسجد الحرام، ومن تمتع منهم أو قرن كان عليه دم جناية لا يأكل منه، والقارن والمتمع من أهل الأفاق دمهما دم نسك يأكلان منه، وقيل: ما يلزم المتمتع وهو: الهدي، وهو مذهب الشافعي لا يوجب على حاضري المسجد الحرام شيئا، وإنما الهدي، وبدله على الأفقي.
وقد تقدم الخلاف في المكي هل يجوز له المتعة في أشهر الحج أم لا، والأظهر في سياق الكلام أن الإشارة إلى جواز التمتع وما يترتب عليه، لأن المناسب في الترخص: اللام، والمناسب في الواجبات على.
وإذا جاء ذلك: لمن، ولم يجئ: على من، وزعم بعضهم أن: اللام، هنا بمعنى: علي، كقوله: * (أولئك لهم اللعنة) *.
وحاضروا المسجد الحرام. قال ابن عباس، ومجاهد: أهل الحرم كله، وقال مكحول، وعطاء: من كان دون المواقيت من كل جهة، وقال الزهري: من كان على يوم أو يومين، وقال عطاء بن أبي رباح: أهل مكة، وضجنان، وذي طوى، وما أشبهها. وقال قوم أهل المواقيت فمن دونها إلى مكة، وهو مذهب أبي حنيفة. وقال قوم: أهل الحرم، ومن كان من أهل الحرم على مسافة تقصر فيها الصلاة، وهو مذهب الشافعي. وقال قوم: أهل مكة، وأهل ذي طوى، وهو مذهب مالك. وقال بعض العلماء: من