تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ٨٨
ذلك في كثير من أشعارهم؛ قال النابغة:
* توهمت آيات لها فعرفتها * لست أعوام وذا العام سابع * وقال الأعشى:
* ثلاث بالغداة فهي حسبي * وست حين يدركني العشاء * * فذلك تسعة في اليوم ربي * وشرب المرء فوق الري داء * وقال الفرزدق:
* ثلاث واثنتان وهن خمس * وسادسة تميل إلى شمام * وقال آخر:
* فسرت إليهم عشرين شهرا * وأربعة فذلك حجتان * وقال المفضل: لما فصل بينهما بإفطار قيدها بالعشرة ليعلم أنها كالمتصلة في الأجر، وقال الزجاج: جمع العددين لجواز أن يظن أن عليه ثلاثة أو سبعة، لأن الواو قد تقوم مقام: أو، ومنه * (مثنى وثلاث ورباع) * فأزال احتمال التخيير، وهو الذي لم يذكر ابن عطية إلا إياه، وهو قول جار على مذهب أهل الكوفة لا على مذهب البصريين، لأن الواو لا تكون بمعنى: أو.
وقال الزمخشري: الواو، قد تجيء للإباحة في نحو قولك: جالس الحسن، وابن سيرين. ألا ترى أنه لو جالسهما جميعا، أو واحدا منهما كان ممتثلا؟ ففذلكت نفيا لتوهم الإباحة. انتهى كلامه. وفيه نظر، لأن لا تتوهم الإباحة هنا، لأن السياق إنما هو سياق إيجاب، وهو ينافي الإباحة ولا ينافي التخيير، لأن التخيير قد يكون في الواجبات.
وقد ذكر النحويون الفرق بين التخيير والإباحة، وقيل: هو تقديم وتأخير تقديره: فتلك عشرة: ثلاثة في الحج وسبعة إذا جعتم، وعزي هذا القول إلى أبي العباس المبرد، ولا يصح مثل هذا القول عنه، وننزه القرآن عن مثله، وقيل: ذكر
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»