مطلوب في كل زمان ومكان وشريعة، ولذلك فسره الزمخشري بالتوحيد، وإسلام الوجه لله.
وقيل: المراد بالإسلام شريعة محمد صلى الله عليه وسلم)، بين تعالى أن من تحرى بعد مبعثه شريعة غير شريعته فغير مقبول منه، وهو الدين الذي وافق في معتقداته دين من ذكر من الأنبياء.
قيل: وعن ابن عباس لما نزلت: * (إن الذين ءامنوا والذين هادوا والنصارى) * الآية أنزل الله بعدها: * (ومن يبتغ) * الآية. وهذا إشارة إلى نسخ * (إن الذين ءامنوا) *. وعن عكرمة: لما نزلت قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم): قد أسلمنا قبلك ونحن المسلمون، فقال الله له: حجهم يا محمد، وأنزل * (ولله على الناس حج البيت) * فحج المسلمون وقعد الكفار.
وقيل: نزلت في الحارث بن سويد، وستأتي قصته بعد هذا. وقبول العمل هو رضاه وإثابة فاعله عليه.
وانتصب: دينا على التمييز: لغير، لأن: غير، مبهمة، ففسرت بدين، كما أن مثلا مبهمة فتفسر أيضا. وهذا كقولهم: لنا غيرها إبلا وشاء، ومفعول: يبتغ هو: غير، وقيل: دينا، مفعول، و: غير، منصوب على الحال لأنه لو تأخر كان نعتا وقيل: دينا، بدل من: غير، والجمهور على إظهار الغينين وروي عن أبي عمرو الإدغام.
* (وهو فى الاخرة من الخاسرين) * الخسران في الآخرة هو حرمان الثواب وحصول العقاب شبه في تضييع زمانه في الدنيا باتباع غير الإسلام بالذي خسر في بضاعته، ويحتمل أن تكون هذه الجملة قد عطفت على جواب الشرط، فيكون قد ترتب على ابتغاء غير الإسلام دينا عدم القبول والخسران، ويحتمل أن لا تكون معطوفة عليه بل هي استئناف إخبار عن حاله في الآخرة.
و: في الآخرة متعلق بمحذوف يدل عليه ما بعده، أي: وهو خاسر في الآخرة، أو: بإضمار أعني، أو: بالخاسرين على أن الألف واللام ليست موصولة بل للتعريف، كهي في: الرجل، أو: به على أنها موصولة، وتسومح في الظرف والمجرور لأنه يتسع فيهما ما لا يتسع في غيرهما، وكل منقول، وقد تقدم لنا نظير.
* (كيف يهدى الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدى القوم الظالمين) * نزلت في أهل الكتاب آمنوا بالتوراة والإنجيل وفيهما ذكر محمد صلى الله عليه وسلم)، فغيروه وكفروا بعد إيمانهم بنبوته، قاله الحسن وروى عطية قريبا منه عن ابن عباس وقال مقاتل: في عشرة رهط ارتدوا فيهم الحارث بن سويد الأنصاري، فندم ورجع، ورواه أبو صالح عن ابن عباس، وذكر مجاهد، والسدي: أن الحارث كان يظهر الإسلام، فلما كان يوم أحد قتل المجدر بن زياد بدم كان له عليه، وقتل زيد بن قيس، وارتد ولحق بالمشركين، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم) عمر أن يقتله إن ظفر به، ففاته، ثم بعث إلى أخيه من مكة يطلب التوبة، فنزلت إلى قوله: * (إلا الذين تابوا) * فكتب بها قومه، إليه فرجع تائبا.
ورواه عكرمة عن ابن عباس، ولم يسمه، ولم يذكر سوى أنه رجل من الأنصار ارتد فلحق بالمشركين، وخرجه النسائي عن ابن عباس مطولا وقيل: لحق بالروم وقيل: ارتد الحارث في أحد عشر رجلا، وسمى منهم الزمخشري: طعمة بن أبيرق، والحارث بن سويد بن الصامت، ووحوح بن الأسلت، وذكر عكرمة أنهم كانوا اثني عشر، وسمى منهم: أبا عامر الراهب، والحارث ووجوها.
وقال النقاش: نزلت في طعمة بن أبيرق. ألفاظ الآية تعم كل من ذكر وغيرهم. وقيل: هي في عامة المشركين وقال مجاهد: حمل الآيات إلى الحارث رجل من قومه فقرأها عليه فقال له الحارث: إنك والله ما علمت لصدوق، وإن رسول الله لأصدق منك، وإن الله تعالى لأصدق