تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ٤٦٦
معنى الاشتقاق من الحياة.
قال قتادة: سماه الله يحيى لأنه أحياه بالإيمان. وقال الحسن بن المفضل: حيي بالعصمة والطاعة وقال أبو القاسم بن حبيب: سمي يحيى لأنه استشهد، والشهداء أحياء روي في الحديث: (من هوان الدنيا على الله أن يحيى بن زكريا قتلته امرأة) وقال مقاتل: سمي يحيى لأنه أحياه بين شيخ وعجوز وقال الزجاج: حيي بالعلم والحكمة التي أوتيها وقال ابن عباس: إن الله أحيا به عقر أمه وقيل: معناه يموت فسمي يحيى تفاؤلا، كالمفازة والسليم وقيل: لأن الله أحيا به الناس بالهدى.
* (مصدقا بكلمة من الله) * الجمهور على أن الكلمة هو عيسى، وسيأتي لم سمي كلمة، قاله ابن عباس، ومجاهد، والحسن، وقتادة، والسدي وغيرهم. قال الربيع، وغيره: كان يحيى أول من صدق بعيسى وشهد أنه كلمة من الله، وكان يحيى أكبر من عيسى بستة أشهر، قاله الأكثرون وقيل: بثلاث سنين، وقتل قبل رفع عيسى، وكانت أم يحيى تقول لمريم: إني لأجد الذي في بطني يتحرك، وفي رواية: يسجد، وفي رواية: يومي برأسه لما في بطنك، فذلك تصديقه، وهو أول التصديق.
وقال أبو عبيدة، وغيره * (بكلمة من الله) * أي: بكتاب من الله التوراة والإنجيل وغيرهما، أوقع المفرد موقع الجمع، فالكلمة اسم جنس، وقد سمت العرب القصيدة كلمة روي أن الحويدرة ذكر لحسان، فقال: لعن الله كلمته، أي قصيدته. وفي الحديث: (أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد:
* ألاكل شيء ما خلا الله باطل * وكل نعيم لا محالة زائل) * وقيل معنى: * (بكلمة من الله) * هنا أي: بوعد من الله، وقرأ أبو السمال العدوي: بكلمة، بكسر الكاف وسكون اللام في جميع القرآن، وهي لغة فصيحة مثل: كتف وكتف، ووجهه أنه أتبع فاء الكلمة لعينها، فيقل اجتماع كسرتين، فسكن العين. ومنهم من يسكنها مع فتح الفاء استثقالا للكسرة في العين.
وانتصب: مصدقا، على الحال قال ابن عطية: وهي حال مؤكدة بحسب حال هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
* (وسيدا) * قال ابن عباس: السيد الكريم وقال قتادة: الحليم، ومنه قول الشاعر:
* سيد لا تحل حبوته * بوادر الجاهلين إن جهلوا * وقال عكرمة: من لا يغلبه الغضب وقال الضحاك: الحسن الخلق وقال سالم: التقي وقال ابن زيد: الشريف وقال ابن المسيب: الفقيه العالم وقال أحمد بن عاصم: الراضي بقضاء الله وقال الخليل: المطاع الفائق أقرانه وقال أبو بكر الوراق: المتوكل وقال الترمذي: العظيم الهمة وقال الثوري: السيد من لا يحسد من قولهم: الحسود لا يسود وقال أبو إسحاق: السيد الذي يفوق في الخير قومه. وقال بعض أهل اللغة: السيد المالك الذي
(٤٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 ... » »»