تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ١ - الصفحة ١٢١
[تعريف علم التفسير لغة واصطلاحا] وقد أن نشرع فيما قصدنا وننجز ما به وعدنا ونبدأ برسم لعلم التفسير فإني لم أقف لأحد من علماء التفسير على اسم له.
فنقول:
التفسير في اللغة: الاستبانة والكشف، قال: ((ابن دريد)) ومنه يقال للماء الذي ينظر فيه الطبيب تفسرة، وكأنه تسمية بالمصدر، لأن مصدر فعل جاء أيضا على تفعله نحو جرب تجربة وكرم تكرمة، وإن كان القياس في الصحيح من فعل التفعيل، كقوله تعالى (وأحسن تفسيرا)، وينطلق أيضا التفسير على التعرية للانطلاق، قال ((ثعلب)) تقول: فسرت الفرس عريته، لينطلق في حضره، وهو راجع لمعنى الكشف، فكأنه كشف ظهره لهذا الذي يريده منه من الجري.
وأما الرسم في الاصطلاح: فنقول: التفسير علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك.
فقولنا: علم هو جنس يشمل سائر العلوم، وقولنا: يبحث فيه عن كيفية النظق بألفاظ القرآن هذا هو علم القراءات، وقولنا: ومدلولاتها أي مدلولات تلك الألفاظ وهذا هو علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم، وقولنا: وأحكامها الإفرادية، والتركيبية هذا يشمل علم التصريف وعلم الإعراب وعلم البيان وعلم البديع ومعانيها التي تحمل بها حالة التركيب شمل بقوله التي تحمل عليها ما لا دلالة عليه بالحقيقة وما دلالته عليه بالمجاز، فإن التركيب قد يقضي بظاهره شيئا ويصد عن الحمل على الظاهر صاد فيحتاج لأجل ذلك أن يحمل على الظاهر وهو المجاز، وقولنا وتتمات لذلك، هو معرفة النسخ، وسبب النزول وقصة توضح بعض ما انبهم في القرآن ونحو ذلك.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»