كيف يصير محلا للفساد؟ كما مر مثله في قوله: * (وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الارض) * ولم يحتج إلى تكرير فيها بعد قوله: ويسفك، اكتفاء بما سبق وتنكبا أن يكرروا فيها ثلاث مرات. ألا ترى أنهم نقدوا على أبي الطيب قوله:
* ونهب نفوس أهل النهب أولى * بأهل النهب من نهب القماش * * (ونحن نسبح) *: جملة حالية، والتسبيح التنزيه، قاله قتادة: أو رفع الصوت بذكر الله تعالى، قاله المفضل: والخضوع والتذلل، قاله ابن الأنباري، أو الصلاة، أي نصلي لك، من المسبحين: أي من المصلين، قاله ابن مسعود وابن عباس، أو التعظيم، أي ونحن نعظمك، قاله مجاهد، أو تسبيح خاص، وهو: سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان ذي العظمة والجبروت، سبحان الحي الذي لا يموت. ويعرف هذا بتسبيح الملائكة، أو بقول: سبحان الله وبحمده.
وفي حديث عن عبادة بن الصامت، عن أبي ذر، أن النبي صلى الله عليه وسلم) سئل: أي الكلام أفضل قال: (ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده سبحان الله وبحمده). * (بحمدك) *: في موضع الحال، والباء فيه للحال، أي نسبح ملتبسين بحمدك، كما تقول: جاء زيد بثبابه، وهي حال متداخلة لأنها حال في حال. وقيل: الباء للسبب، أي بسبب حمدك، والحمد هو الثناء، والثناء ناشيء عن التوفيق للخير والإنعام على المثنى، فنزل الناشئ عن السبب منزلة السبب فقال: ونحن نسبح بحمدك، أي بتوفيقك وإنعامك، والحمد مصدر مضاف إلى المفعول نحو قوله: من دعاء الخير، أي بحمدنا إياك. والفاعل عند البصريين محذوف في باب الصمدر، وإن كان من قواعدهم أن الفاعل لا يحذف وليس ممنوع في المصدر، كما ذهب إليه بعضهم، لأن أسماء الأجناس لا يضمر فيها، لأنه لا يضمر إلا فيما جرى مجرى الفعل، إذ الإضمار أصل في الفعل، ولا حاجة تدعو إلى أن في الكلام تقديما وتأخيرا، كما ذهب إليه بعضهم، وأن التقدير: ونحن نسبح ونقدس لك بحمدك، فاعترض بحمدك بين المعطوف والمعطوف عليه لأن التقديم والتأخير مما يختص بالضرورة، فلا يحمل كلام الله عليه، وإنما جاء بحمدك بعد نسبح لاختلاط التسبيح بالحمد. وجاء قوله بعد: * (ونقدس لك) * كالتوكيد، لأن التقديس هو: التطهير، والتسبيح هو: التنزيه والتبرئة من السوء، فهما متقاربان في المعنى. ومعنى التقديس كما ذكرنا التطهير، ومفعوله أنفسنا لك من الأدناس، قاله الضحاك وغيره، أو أفعالنا من المعاصي، قاله أبو مسلم، أو المعنى: نكبرك ونعظمك. قاله مجاهد وأبو صالح، أو نصلي لك، أو نتطهر من أعمالهم يعنون بني آدم. حكى ذلك عن ابن عباس، أو نطهر قلوبنا عن الالتفات إلى غيرك، واللام في لك زائدة، أي نقدسك. وقيل: لام العلة متعلقة بتقدس، قيل: أو بنسج وقيل: معدية للفعل، كهي في