والهمزة عند أبي علي لام الفعل، ففاؤه ولامه همزة، وعند أبي العباس بدل من الياء وقعت بعد ألف فقلبت همزة. سبحانك: معناه تنزيهك، وسبحان اسم وضع موضع المصدر، وهو مما ينتصب بإضمار فعل من معناه لا يجوز إظهاره، وهو من الأسماء التي لزمت النصب على المصدرية، ويضاف ويفرد، فإذا أفرد كان منونا، نحو قول الشاعر:
* سبحانه ثم سبحانا نعوذ به * وقبلنا سبح الجودي والجمد * فقيل: صرفه ضرورة، وقيل: لجعله نكرة غير منون، نحو قول الشاعر:
* أقول لما جاءني فخبره * سبحان من علقمة الفاخر * جعله علما فمنعه الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون. وزعم بعض النحويين أنه إذا أفرد كان مقطوعا عن الإضافة، فعاد إليه التنوين، ومن لم ينونه جعله بمنزلة قبل وبعد، وقد رد هذا القول في كتب النحو. الحكيم: فعيل بمعنى مفعل، من أحكم الشيء: أتقنه ومنعه من الخروج عما يريده. الإبداء: الإظهار، والكتم: الإخفاء.
* (وإذ قال ربك للملائكة) *: لم يرد في سبب نزول هذه الآيات شيء. ومناسبتها لما قبلها أنه لما امتن عليهم بخلق ما في الأرض لهم، وكان قبله إخراجهم من العدم إلى الوجود، أتبع ذلك ببدء خلقهم، وامتن عليهم بتشريف أبيهم وتكريمه وجعله خليفة وإسكانه دار كرامته، وإسجاد الملائكة تعظيما لشأنه وتنبيها على مكانه واختصاصه بالعلم الذي به كمال الذات وتمام الصفات، ولا شك أن الإحسان إلى الأصل إحسان إلى الفرع، وشرف الفرع بشرف الأصل. واختلف المعربون في إذ، فذهب أبو عبيدة وابن قتيبة إلى زيادتها، وهذا ليس بشيء، وكان أبو عبيدة وابن قتيبة ضعيفين في علم النحو. وذهب بعضهم إلى أنها بمعنى قد، التقدير: وقد قال ربك، وهذا ليس بشيء، وذهب بعضهم إلى أنه منصوب نصب المفعول به باذكر، أي واذكر: * (إذ قال ربك) *، وهذا ليس بشيء، لأن فيه إخراجها عن بابها، وهو أنه لا يتصرف فيها بغير الظرفية، أو بإضافة ظرف زمان إليها. وأجاز ذلك الزمخشري وابن عطية وناس قبلهما وبعدهما، وذهب بعضهم إلى أنها ظرف. واختلوا، فقال بعضهم: هي في موضع رفع، التقدير: ابتداء خلقكم. وقال بعضهم في موضع نصب، التقدير: وابتداء خلقكم، إذ قال ربك. وناسب هذا التقدير لما تقدم قوله: * (خلق لكم ما فى الارض جميعا) *، وكلا هذين القولين لا تحرير فيه، لأن ابتداء خلقنا لم يكن وقت قول الله للملائكة: