التعقيب بالفاء في قوله: فأحياكم، لأن بين ذاك الموت والإحياء مدة طويلة، وعلى ما اخترناه تكون الفاء دالة على معناها من التعقيب. ومن قال: إن الموت الأول: هو المعهود، والإحياء الأول هو للمسألة، فيكون فيه الماضي قد وضع موضع المستقبل مجاز التحقق وقوعه، أي وتكونون أمواتا فيحييكم، كقوله: * (أتى أمر الله) *. وقد استدل بهذه الآية قوم على نفي عذاب القبر، لأنه ذكر تعالى موتتين وحياتين، ولم يذكر حياة بين إحيائهم في الدنيا وإحيائهم في الآخرة. قالوا: ولا يجوز أن يستدل بقوله تعالى: ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين) *، لأنه من كلام الكفار، ولأن كثيرا من الناس أثبتوا حياة الذر في صلب آدم. والجواب: أنه لا يلزم من عدم ذكر هذه الحياة للمسألة عدمها قبل وأيضا، فيمكن أن يكون قوله: ثم يحييكم هو للمسألة، ولذلك قال: ثم إليه ترجعون، فعطف بثم التي تقتضي التراخي في الزمان. والرجوع إلى الله تعالى حاصل عقب الحياة التي للبعث، فدل ذلك على أن تلك الحياة المذكورة هي للمسألة.
قال الحسن: ذكر الموت مرتين هنا لأكثر الناس، وأما بعضهم فقد أماتهم ثلاث مرات، * (*) *، لأنه من كلام الكفار، ولأن كثيرا من الناس أثبتوا حياة الذر في صلب آدم. والجواب: أنه لا يلزم من عدم ذكر هذه الحياة للمسألة عدمها قبل وأيضا، فيمكن أن يكون قوله: ثم يحييكم هو للمسألة، ولذلك قال: ثم إليه ترجعون، فعطف بثم التي تقتضي التراخي في الزمان. والرجوع إلى الله تعالى حاصل عقب الحياة التي للبعث، فدل ذلك على أن تلك الحياة المذكورة هي للمسألة.
قال الحسن: ذكر الموت مرتين هنا لأكثر الناس، وأما بعضهم فقد أماتهم ثلاث مرات، * (أو كالذى مر على قرية) *، * (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم) *، فخذ أربعة من الطير) *، الآيات. وفي قوله تعالى: * (*) *، الآيات. وفي قوله تعالى: * (فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم * أولائك هم الخاسرون * كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون) * أن الهاء عائدة على الله سبحانه وتعالى، لأن الضمائر السابقة عائدة عليه تعالى، ويكون ذلك على حذف مضاف، أي إلى جزائه من ثواب أو عقاب. وقيل: عائدة على الجزاء على الأعمال. وقيل: عائدة على الموضع الذي يتولى الله الحكم بينكم فيه. وقيل: عائدة على الإحياء المدلول عليه بقوله: فأحياكم. وشرح هذا أنكم ترجعون بعد الحياة الثانية إلى الحال التي كنتم عليها في ابتداء الحياة الأولى، من كونكم لا تملكون لأنفسكم شيئا. واستدلت المجسمة بقوله: * (ثم إليه ترجعون) *، على أنه تعالى في مكان ولا حجة لهم في ذلك.
وقرأ الجمهور: ترجعون مبنيا للمفعول من رجع المتعدي.
وقرأ مجاهد، ويحيى بن يعمر، وابن أبي إسحاق، وابن محيصن، والفياض بن غزوان، وسلام، ويعقوب: مبنيا للفاعل، حيث وقع في القرآن من رجع اللازم، لأن رجع يكون لازما ومتعديا. وقراءة الجمهور أفصح، لأن الإسناد في الأفعال السابقة هو إلى الله تعالى، * (فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم) *، فكان سياق هذا الإسناد أن يكون الفعل في الرجوع مسندا إليه، لكنه كان يفوت تناسب الفواصل والمقاطع، إذ كان يكون الترتيب: * (ثم إليه مرجعكم) *، فحذف الفاعل للعلم به وبنى الفعل للمفعول حتى لا يفوت التناسب اللفظي. وقد حصل التناسب المعنوي بحذف الفاعل، إذ هو وقبل البناء للمفعول مبني للفاعل. وأما قراءة مجاهد، ومن ذكر معه، فإنه يفوت التناسب المعنوي، إذ لا يلزم من رجوع الشخص إلى شيء أن غيره رجعه إليه، إذ قد يرجع بنفسه من غير راد. والمقصود هنا إظهار القدرة والتصرف التام بنسبة الإحياء والإماتة، والإحياء والرجوع إليه تعالى، وإن كنا نعلم أن الله تعالى هو فاعل الأشياء جميعها. وفي قوله تعالى: * (ثم إليه ترجعون) * من الترهيب والترغيب ما يزيد المسئ خشية ويرده عن بعض ما يرتكبه، ويزيد المحسن رغبة في الخير ويدعوه رجاؤه إلى الازدياد من الإحسان، وفيها رد على الدهرية والمعطلة ومنكري البعث، إذ هو بيده الإحياء والإماتة والبعث وإليه يرجع الأمر كله.
* (هو الذى خلق لكم ما فى الارض جميعا) *: مناسبة هذه الآية لما قبلها ظاهرة، وهو أنه لما ذكر أن من كان منشئا لكم بعد العدم ومفنيا لكم بعد الوجود وموجدا لكم ثانية، إما في جنة، وإما إلى نار، كان جديرا أن يعبد ولا يجحد، ويشكر ولا يكفر. ثم أخذ يذكرهم عظيم إحسانه وجزيل امتنانه من خلق جميع ما في الأرض لهم، وعظيم قدرته وتصرفه في العالم العلوي، وأن العالم العلوي والعالم السفلي بالنسبة إلى قدرته على السواء، وأنه عليم بكل شيء. ولفظة هو من