كان عدم الرجوع من قبل أنفسهم. وقد قدمنا أن فعل العبد ينسب إلى الله اختراعا وإلى العبد لملابسته له، ولذلك قال في هذه الآية: * (صم بكم عمى فهم لا يرجعون) *، فأضاف هذه الأوصاف الذميمة إلى ملابسها وقال تعالى: * (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) *، فأضاف ذلك إلى الموجد تعالى. وهذه الأقاويل كلها على تقدير أن يكون الرجوع لازما، وإن كان متعديا كان المفعول محذوفا تقديره فهم لا يرجعون جوابا) *.
2 (* (أو كصيب من السمآء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم فىءاذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين) *)) 2 * (أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق) * أو، لها خمسة معان: الشك، والإبهام، والتخيير، والإباحة، والتفصيل. وزاد الكوفيون أن تكون بمعنى الواو وبمعنى بل، وكان شيخنا أبو الحسن بن الصائغ يقول: أو لأحد الشيئين أو الأشياء. وقال السهيلي: أو للدلالة على أحد الشيئين من غير تعيين، ولذلك وقعت في الخبر المشكوك فيه من حيث أن الشك تردد بين أمرين من غير ترجيح، لا أنها وضعت للشك، فقد تكون في الخبر، ولا شك إذا أبهمت على المخاطب. وأما التي للتخيير فعلى أصلها لأن المخير إنما يريد أحد الشيئين، وأما التي زعموا أنها للإباحة فلم تؤخذ الإباحة من لفظ أو ولا من معناها، إنما أخذت من صيغة الأمر مع قرائن الأحوال، وإنما دخلت لغلبة العادة في أن المشتغل بالفعل الواحد لا يشتغل بغيره، ولو جمع بين المباحين لم يعص، علما بأن أو ليست معتمدة هنا. الصيب: المطر، يقال: صاب يصوب فهو صيب إذا نزل والسحاب أيضا، قال الشاعر:
* حتى عفاها صيب ودقه * داني النواحي مسبل هاطل * وقال الشماخ:
وأشحم دان صادق الرعد صيب ووزن صيب فيعل عند البصريين، وهو من الأوزان المختصة بالمعتل العين، إلا ما شذ في الصحيح من قولهم: صيقل بكسر القاف علم لامرأة، وليس وزنه فعيلا، للفراء. وقد نسب هذا المذهب للكوفيين وهي مسألة يتكلم عليها في علم التصريف. وقد تقدم الكلام على تخفيف مثل هذا السماء: كل ما علاك من سقف ونحوه، والسماء المعروفة ذات البروج، وأصلها الواو لأنها من السمو، ثم قد يكون بينها وبين المفرد تاء تأنيث. قالوا: سماوة، وتصح الواو إذ ذاك لأنها بنيت عليها الكلمة، قال العجاج:
* طي الليالي زلفا فزلفا * سماوة الهلال حتى احقوقفا *