معطوفة على ما موضعه رفع. والجملة من قوله: * (ذهب الله بنورهم) * إذا قلنا ليست جواب لما جملة اعتراض فصل بها بين المعطوف والمعطوف عليه، وكذلك أيضا * (صم بكم عمى) * إذا قلنا إن ذلك من أوصاف المنافقين. فعلى هذين القولين تكون الجملتان جملتي اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه، وقد منع ذلك أبو علي، ورد عليه بقول الشاعر:
* لعمرك والخطوب مغيرات * وفي طول المعاشرة التقالي * * لقد باليت مظعن أم أوفى * ولكن أم أوفى لا تبالي * ففصل بين القسم وجوابه بجملتي الاعتراض. من السماء متعلق بصيب فهو في موضع نصب ومن فيه لابتداء الغاية، ويحتمل أن تكون في موضع الصفة فتعلق بمحذوف، وتكون من إذ ذاك للتبعيض، ويكون على حذف مضاف التقدير، أو كمطر صيب من أمطار السماء، وأتى بالسماء معرفة إشارة إلى أن هذا الصيب نازل من آفاق السماء، فهو مطبق عام. قال الزمخشري: وفيه أن السحاب من السماء ينحدر، ومنها يأخذ ماءه، لا كزعم من زعم أنه يأخذه من البحر، ويؤيده قوله تعالى: * (وينزل من السماء من جبال فيها من برد) * انتهى كلامه. وليس في الآيتين ما يدل على أنه لا يكون منشأ المطر من البحر، إنما تدل الآيتان على أن المطر ينزل من السماء، ولا يظهر تناف بين أن يكون المطر ينزل من السماء، وأن منشأه من البحر. والعرب تسمي السحاب بنات بحر، يعني أنها تنشأ من البحار، قال طرفة:
* لا تلمني إنها من نسوة * رقد الصيف مقاليت نزر * * كبنات البحر يمأدن كما * أنبت الصيف عساليج الخضر * وقد أبدلوا الباء ميما فقالوا: بنات المحر، كما قالوا: رأيته من كثب ومن كثم. وظلمات: مرتفع بالجار والمجرور على الفاعلية، لأنه قد اعتمد إذا وقع صفة، ويجوز أن تكون فيه من موضع الحال من النكرة المخصصة بقوله: * (من السماء) *، إما تخصيص العمل، وإما تخصيص الصفة على ما قدمناه من الوجهين في إعراب من السماء، وأجازوا أن يكون ظلمات مرفوعا بالابتداء، وفيه في موضع الخبر. والجملة في موضع الصفة، ولا حاجة إلى هذا لأنه إذا دار الأمر بين أن تكون الصفة من قبيل المفرد، وبين أن تكون من قبيل الجمل، كان الأولى جعلها من قبيل المفرد وجمع الظلمات، لأنه حصلت أنواع من الظلمة. فإن كان الصيب هو المطر، فظلماته ظلمة تكاتفه وانتساجه وتتابع قطره، وظلمة: ظلال غمامه مع ظلمة الليل. وإن كان الصيب هو السحاب، فظلمة سجمته وظلمة تطبيقه مع ظلمة الليل. والضمير في فيه عائد على الصيب، فإذا فسر بالمطر، فمكان ذلك السحاب، لكنه لما كان الرعد والبرق ملتبسين بالمطر جعلا فيه على طريق التجوز، ولم يجمع الرعد والبرق، وإن كان قد جمعت في لسان العرب، لأن المراد بذلك المصدر كأنه قيل: وإرعاد وإبراق، وإن أريد العينان فلأنهما لما كانا مصدرين في الأصل، إذ يقال: رعدت