التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ٩٧
وهو المراد فأقيم السبب مقام المسبب وقرئ إن تضل بكسر الهمزة على الشرط وجوابه الفاء في فتذكر ولذلك رفعه من كسر الهمزة ونصبه من فتحها على العطف وقرئ تذكر بالتشديد والتخفيف والمعنى واحد * (ولا يأب الشهداء) * أي لا يمتنعون * (إذا ما دعوا) * إلى أداء الشهادة وقد ورد تفسيره بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم واتفق العلماء أن أداء الشهادة واجب إذا دعي إليها وقيل إذا دعوا إلى تحصيل الشهادة وكتبها وقيل إلى الأمرين * (ولا تسأموا أن تكتبوه) * أي لا تملوا من الكتابة إذا ترددت وكثرت سواء كان الحق صغيرا أو كبيرا ونصب صغيرا على الحال * (ذلكم) * إشارة إلى الكتابة * (أقسط) * من القسط وهو العدل * (وأقوم) * بمعنى أشد إقامة وينبني أفعل فيهما من الرباعي وهو قليل " وأدنى أن لا ترتابوا " أي أقرب إلى عدم الشك في الشهادة * (إلا أن تكون تجارة حاضرة) * أن في موضع نصب على الاستثناء المنقطع لأن الكلام المتقدم في الدين المؤجل والمعنى إباحة ترك الكتابة في التجارة الحاضرة وهو ما يباع بالنقد وغيره * (تديرونها بينكم) * يقتضي القبض والبينونة * (وأشهدوا إذا تبايعتم) * ذهب قوم إلى وجوب الإشهاد على كل بيع صغيرا أو كبيرا وهم الظاهرية خلافا للجمهور وذهب قوم إلى أنه منسوخ بقوله فإن أمن بعضكم بعضا وذهب قوم إلى أنه على الندب * (ولا يضار كاتب ولا شهيد) * يحتمل أن يكون كاتب فاعلا على تقدير كسر الراء المدغمة من يضار والمعنى على هذا نهي للكاتب والشاهد أن يضار صاحب الحق أو الذي عليه الحق بالزيادة فيها أو النقصان منه أو الامتناع من الكتابة أو الشهادة ويحتمل أن يكون كاتب مفعولا لم يسم فاعله على تقدير فتح الراء المدغمة ويقوي ذلك قراءة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يضارر بالتفكيك وفتح الراء والمعنى النهي عن الإضرار بالكاتب والشاهد بإذايتهما بالقول أو بالفعل * (وإن تفعلوا) * أي إن وقعتم في الإضرار * (فإنه فسوق) * حال بكم * (ويعلمكم الله) * إخبار على وجه الامتنان وقيل معناه الوعد بأن من اتقى علمه الله وألهمه وهذا المعنى صحيح ولكن لفظ الآية لا يعطيه لأنه لو كان كذلك لجزم يعلمكم في جواب اتقوا * (وإن كنتم على سفر) * الآية لما أمر الله تعالى بكتب الدين جعل الرهن توثيقا للحق عوضا عن الكتابة حيث تتعذر الكتابة في السفر وقال الظاهرية لا يجوز الرهن إلا في السفر لظاهر الآية وأجازه مالك وغيره في الحضر لأن النبي صلى الله عليه وسلم رهن درعه بالمدينة * (فرهان مقبوضة) * يقتضي بينونة المرتهن بالرهن وأجمع العلماء على صحة قبض المرتهن وقبض وكيله وأجاز مالك والجمهور وضعه على يد عدل والقبض للرهن شرط في الصحة عند الشافعي وغيره لقوله تعالى * (مقبوضة) * وهو عند مالك شرط كمال لا صحة * (فإن أمن بعضكم بعضا) * الآية أي إن أمن صاحب الحق المديان لحسن ظنه به فليستغن عن الكتابة وعن الرهن فأمر أولا بالكتابة ثم بالرهن ثم بالائتمان فللدين ثلاثة أحوال ثم أمر المديان بأداء الأمانة ليكون عند ظن صاحبه به * (ولا تكتموا الشهادة) * محمول على الوجوب " فإنه
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»