تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٤ - الصفحة ٢٥
* (وما نتنزل إلا بأمر ربك) * حكاية قول جبريل عليه الصلاة والسلام حين استبطأه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين والروح ولم يدر ما يجيب ورجا أن يوحى إليه فيه فأبطأ عليه خمسة عشر يوما وقيل أربعين يوما حتى قال المشركون ودعه ربه وقلاه ثم نزل ببيان ذلك والتنزل النزول على مهل لأنه مطاوع نزل وقد يطلق بمعنى النزول مطلقا كما يطلق نزل بمعنى أنزل والمعنى وما ننزل وقتا عب وقت إلا بأمر الله على ما تقتضيه حكمته وقرئ وما يتنزل بالياء والضمير للوحي * (له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك) * وهو ما نحن فيه من الأماكن والأحايين لا ننتقل من مكان إلى مكان ولا ننزل في زمان دون زمان إلا بأمره ومشيئته * (وما كان ربك نسيا) * تاركا لك أي ما كان عدم النزول إلا لعدم الأمر به ولم يكن ذلك عن ترك الله لك وتوديعه إياك كما زعمت الكفرة وإنما كان لحكمة رآها فيه وقيل أول الآية حكاية قول المتقين حين يدخلون الجنة والمعنى وما ننزل الجنة إلا بأمر الله ولطفه وهو مالك الأمور كلها السالفة والمترقبة والحاضرة فما وجدناه وما نجده من لطفه وفضله وقوله * (وما كان ربك نسيا) * تقرير من الله لقولهم أي وما كان ربك نسيا لأعمال العاملين وما وعد لهم من الثواب عليها وقوله * (رب السماوات والأرض وما بينهما) * بيان لامتناع النسيان عليه وهو خبر محذوف أو بدل من * (ربك) * * (فاعبده واصطبر لعبادته) * خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم مرتب عليه أي لما عرفت ربك لأنه لا ينبغي له أن ينساك أو أعمال العمال فأقبل على عبادته واصطبر عليها ولا تتشوش بإبطاء الوحي وهزء الكفر وإنما عدي باللام لتضمنه معنى الثبات للعبادة فيما يورد عليه من الشدائد والمشاق كقولك للمحارب اصطبر لقرنك * (هل تعلم له سميا) * مثلا يستحق أن يسمى إلها أو أحدا سمي الله فإن المشركين وإن سموا الصنم إلها لم يسموه الله قط وذلك لظهور أحديته تعالى وتعالى ذاته عن المماثلة بحيث لم يقبل اللبس
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»