عنه، أي لم يشتغلوا به (وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم) أي متاركة، مثل قول: " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما " أي لنا ديننا ولكم دينكم. (سلام عليكم) أي أمنا لكم منا فإنا لا نحاربكم، ولأنسابكم، وليس من التحية في شئ. قال الزجاج:
وهذا قبل الامر بالقتال. (لا نبتغي الجاهلين) أي لا نطلبهم للجدال والمراجعة والمشاتمة.
قوله تعالى: إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء وهو أعلم بالمهتدين (56) قوله تعالى: (إنك لا تهدى من أحببت) قال الزجاج: أجمع المسلمون على أنها نزلت في أبي طالب.
قلت: والصواب أن يقال أجمع جل المفسرين على أنها نزلت في شأن أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو نص حديث البخاري ومسلم، وقد تقدم الكلام ذلك في " براءة " (1). وقال أبو روق قوله: (ولكن الله يهدى من يشاء) إشارة إلى العباس. وقاله قتادة. (وهو أعلم بالمهتدين) قال مجاهد: لمن قدر له أن يهتدي. وقيل: معنى " من أحببت " أي من أحببت أن يهتدي. وقال جبير بن مطعم: لم يسمع أحد الوحي يلقى على النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبا بكر الصديق فإنه سمع جبريل وهو يقول: يا محمد اقرأ " إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء ".
قوله تعالى: وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أولم نمكن لهم حرما آمنا تجبى إليه ثمرات كل شئ رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون (57) وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مسكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين (58)