لم أعلم أن الله يهديهم ويضلكم ويرشدهم ويغويكم ويوفقهم ويخذلكم. (إن حسابهم) أي في أعمالهم وإيمانهم (إلا على ربى لو تشعرون) وجواب " لو " محذوف، أي لو شعرتم أن حسابهم على ربهم لما عبتموهم بصنائعهم. وقراءة العامة: " تشعرون " بالتاء على المخاطبة للكفار وهو الظاهر وقرأ ابن أبي عبلة ومحمد بن السميقع: " لو يشعرون " بالياء كأنه خبر عن الكفار وترك الخطاب لهم، نحو قوله: " حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم ". وروى أن رجلا سأل سفيان عن امرأة زنت وقتلت ولدها وهي مسلمة هل يقطع لها بالنار؟ فقال:
" إن حسابهم إلا على ربى لو تشعرون ". (وما أنا بطارد المؤمنين) أي لخساسة أحوالهم وأشغالهم. وكأنهم طلبوا منه طرد الضعفاء كما طلبته قريش. (إن أنا إلا نذير مبين) يعنى: إن الله ما أرسلني أخص ذوي الغنى دون الفقراء، إنما أنا رسول أبلغكم ما أرسلت به، فمن أطاعني فذلك السعيد عند الله وإن كان فقيرا.
قوله تعالى: (قالوا لئن لم تنته يا نوح) أي عن سب آلهتنا وعيب ديننا (لتكونن من المجرمين) أي بالحجارة، قاله قتادة. وقال ابن عباس ومقاتل: من المقتولين. قال الثمالي: كل مرجومين في القرآن فهو القتل إلا في مريم: " لئن لم تنته لأرجمنك " أي لأسبنك. وقيل: " من المرجومين " من المشتومين، قاله السدى. ومنه قول، أبى دؤاد (1).
(قال رب إن قومي كاذبون فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين) قال ذلك لما يئس من إيمانهم. والفتح الحكم وقد تقدم. (فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون) يريد السفينة وقد مضى ذكرها. والمشحون المملوء، والشحن ملء السفينة بالناس والدواب وغيرهم. ولم يؤنث الفلك ها هنا، لان الفلك ها هنا واحد لا جمع. (ثم أغرقنا بعد الباقين) أي بعد إنجائنا نوحا ومن آمن. (إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين. وإن ربك لهو العزيز الرحيم).