وتأوله بأن قال في آخره: وذلك في أول الإسلام. يريد قبل أن ينزل عليه " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ". قال أبو عمر: وهذا ضعيف، وفي الحديث نفسه ما يرده، وذلك أنه أمرهم فيه بتسمية الله على الأكل، فدل على أن الآية قد كانت نزلت عليه.
ومما يدل على صحة ما قلناه أن هذا الحديث كان بالمدينة، ولا يختلف العلماء أن قوله تعالى:
" ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " نزل في سورة " الأنعام " بمكة. ومعنى (وإنه لفسق) أي لمعصية عن ابن عباس. والفسق: الخروج. وقد تقدم (1).
الرابعة - قوله تعالى: (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم) أي يوسوسون فيلقون في قلوبهم الجدال بالباطل. روى أبو داود عن ابن عباس في قول: " وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم " يقولون: ما ذبح الله فلا تأكلوه، وما ذبحتم أنتم فكلوه، فأنزل الله " ولا تأكلوا مما لو يذكر اسم الله عليه " قال عكرمة: عنى بالشياطين في هذه الآية مردة الإنس من مجوس فارس. وقال ابن عباس وعبد الله بن كثير: بل الشياطين الجن، وكفرة الجن أولياء قريش. وروي عن عبد الله بن الزبير أنه قيل له: إن المختار يقول: يوحى إلى فقال: صدق، إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم. (وقوله: (2) " ليجادلوكم ". يريد (قولهم (2):
ما قتل الله لم تأكلوه وما قتلتموه أكلتموه. والمجادلة: دفع القول على طريق الحجة بالقوة، مأخوذ من الأجدل، طائر قوي. وقيل: هو مأخوذ من الجدالة، وهي الأرض، فكأنه يغلبه بالحجة يقهره حتى يصير كالمجدول بالأرض. وقيل: هو مأخوذ من الجدل، وهو شدة القتل، فكأن كل واحد منهما يفتل حجة صاحبه حتى يقطعها (3)، وتكون حقا في نصرة الحق وباطلا في نصرة الباطل.
الخامسة - قوله تعالى: (وإن أطعتموهم) أي في تحليل الميتة (إنكم لمشركون) فدلت الآية على أن من استحل شيئا مما حرم الله تعالى صار به مشركا. وقد حرم الله سبحانه المية نصا، فإذا قبل تحليلها من غيره فقد أشرك. قال ابن العربي: إنما يكون المؤمن بطاعة