" بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة (1) " والكناية في " جاءتهم " ترجع إلى الأكابر الذين جرى ذكرهم. قال الوليد بن المغيرة: لو كانت النبوة حقا لكنت أولى بها منك، لأني أكبر منك سنا، وأكثر منك ما لا. وقال أبو جهل: والله لا نرضى به ولا نتبعه أبدا، إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه، فنزلت الآية. وقيل: لم يطلبوا النبوة ولكن قالوا لا نصدقك حتى يأتينا جبريل والملائكة يخبروننا بصدقك. والأول أصح، لأن الله تعالى قال: " الله أعلم حيث يجعل رسالته (2) " أي بمن هو مأمون عليها وموضع لها. و " حيث " ليس ظرفا هنا، بل هو اسم نصب نصب المفعول به على الاتساع، أي الله أعلم أهل الرسالة. وكان الأصل الله أعلم بمواضع رسالته، ثم حذف الحرف، ولا يجوز أن يعمل " أعلم " في " حيث " ويكون ظرفا، لأن المعنى يكون على ذلك الله أعلم في هذا الموضع، وذلك لا يجوز أن يوصف به الباري تعالى، وإنما موضعها نصب بفعل مضمر دل عليه " أعلم ". وهي اسم كما ذكرنا.
والصغار: الضيم والذل والهوان، وكذلك الصغر (بالضم). والمصدر الصغر (بالتحريك).
وأصله من الصغر دون الكبر، فكأن الذل يصغر إلى المرء نفسه، وقيل: أصله من الصغر وهو الرضا بالذل، يقال منه: صغر يصغر بفتح الغين في الماضي وضمها في المستقبل. وصغر بالكسر يصغر بالفتح لغتان، صغرا وصغارا، واسم الفاعل صاغر وصغير. والصاغر: الراضي بالضيم. والمصغوراء الصغار. وأرض مصغرة: نبتها (3) لم يطل، عن ابن السكيت. " عند الله " أي من عند الله، فحذف. وقيل: فيه تقديم وتأخير، أي سيصيب الذين أجرموا عند الله صغار. الفراء: سيصيب الذين أجرموا صغار من الله. وقيل: المعنى سيصيب الذين أجرموا صغار ثابت عند الله. قال النحاس: وهذا أحسن الأقوال، لأن " عند " في موضعها.
قوله تعالى: فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للأسلم ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون (125)