تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٧٩
" ليس كمثله (1) شئ ". وقيل: المعنى كمن مثله مثل من هو في الظلمات. والمثل والمثل واحد. (كذلك زين للكافرين ما كانوا يعلمون) أي زين لهم الشيطان عبادة الأصنام وأوهمهم أنهم أفضل من المسلمين.
قوله تعالى: وكذلك جعلنا في كل قرية أكبر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون (123) قوله تعالى: (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها) المعنى: وكما زينا للكافرين ما كانوا يعملون كذلك جعلنا في كل قرية. " مجرميها " مفعول أول لجعل " أكابر " مفعول ثاني على التقديم والتأخير. وجعل بمعنى صير. والأكابر جمع الأكبر. قال مجاهد: يريد العظماء (2). وقيل: الرؤساء والعظماء. وخصهم بالذكر لأنهم أقدر على الفساد. والمكر الحيلة في مخالفة الاستقامة، أصله الفتل، فالماكر يفتل عن الاستقامة أي يصرف عنها. قال مجاهد: كانوا يجلسون على كل عقبة أربعة ينفرون الناس عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، كما فعل من قبلهم من الأمم السالفة بأنبيائهم. (وما يمكرون إلا بأنفسهم) أي وبال مكرهم راجع إليهم. وهو من الله عز وجل الجزاء على مكر الماكرين بالعذاب الأليم.
(وما يشعرون) في الحال، لفرط جهلهم أن وبال مكرهم عائد إليهم.
قوله تعالى: وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون (124) قوله تعالى: " وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن " بين شيئا آخر من جهلهم، وهو أنهم قالوا لن نؤمن حتى نكون أنبياء، فنؤتي مثل ما أوتي موسى وعيسى من الآيات، ونظيره

(1) راجع ج 16 ص 7.
(2) في الأصول العلماء والنصوب من الطبري عن مجاهد.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»