الكفر، وهو كقوله: " كذلك يضل الله من يشاء ويهدي (1) من يشاء ". وفي هذا رد على القدرية.
قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمنهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون (109) قوله تعالى: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها) فيه مسألتان:
الأولى - قوله تعالى: " وأقسموا " أي حلفوا. وجهد اليمين أشدها، وهو بالله فقوله: " جهد أيمانهم " أي غاية أيمانهم التي بلغها علمهم، وانتهت إليها قدرتهم. وذلك أنهم كانوا يعتقدون أن الله هو الإله الأعظم، وأن هذه الآلهة إنما يعبدونها ظنا منهم أنها تقربهم إلى الله زلفى، كما أخبر عنهم بقوله تعالى: " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى (2) ". وكانوا يحلفون بآبائهم وبالأصنام وبغير ذلك، وكانوا يحلفون بالله تعالى وكانوا يسمونه جهد اليمين إذا كانت اليمين بالله. " جهد " منصوب على المصدر والعامل فيه " أقسموا " على مذهب سيبويه، لأنه في معناه. والجهد (بفتح الجيم): المشقة يقال: فعلت ذلك بجهد. والجهد (بضمها):
الطاقة يقال: هذا جهدي، أي طاقتي. ومنهم من يجعلهما واحدا، ويحتج بقول " والذين لا يجدون إلا جهدهم (3) ". وقرئ " جهدهم " بالفتح، عن ابن قتيبة. وسبب الآية فيما ذكر المفسرون: القرظي والكلبي وغيرهما، أن قريشا قالت: يا محمد، تخبرنا بأن موسى ضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، وأن عيسى كان يحيي الموتى، وأن ثمود كانت لهم ناقة، فائتنا ببعض هذه الآيات حتى نصدقك. فقال: (أي شئ تحبون)؟ قالوا: أجعل لنا الصفا ذهبا، فوالله إن فعلته لنتبعنك أجمعون. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو، فجاءه جبريل عليه السلام فقال: (إن شئت أصبح (الصفا (4) ذهبا، ولئن أرسل الله آية ولم يصدقوا عندها ليعذبنهم فأتركهم حتى يتوب تائبهم) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم