أي لعلني (1). وهو في كلام العرب كثير " أن " بمعنى لعل. وحكى الكسائي أنه كذلك في مصحف أبي بن كعب " وما أدراكم لعلها ". وقال الكسائي والفراء: أن " لا " زائدة، والمعنى: وما يشعركم أنها - أي الآيات - إذا جاءت المشركين يؤمنون، فزيدت " لا "، كما زيدت " لا " في قول تعالى: " حرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون (2) ". لأن المعنى: وحرام على قرية مهلكة رجوعهم. وفي قول: " ما منعك ألا تسجد ". والمعنى:
ما منعك أن تسجد. وضعف الزجاج والنحاس وغيرهما زيادة " لا " وقالوا: هو غلط وخطأ، لأنها إنما تزاد فيما لا يشكل. وقيل: في الكلام حذف، والمعنى: وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون أو يؤمنون، ثم حذف هذا لعلم السامع، ذكره النحاس وغيره.
قوله تعالى: ونقلب أفئدتهم وأبصرهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون (110).
هذه آية مشكلة، ولا سيما وفيها " ونذرهم في طغيانهم يعمهون ". قيل: المعنى ونقلب أفئدتهم وأنظارهم يوم القيامة على لهب النار وحر الجمر، كما لم يؤمنوا في الدنيا. " ونذرهم " في الدنيا، أي نمهلهم ولا نعاقبهم، فبعض الآية في الآخرة، وبعضها في الدنيا. ونظيرها " وجوه يومئذ خاشعة (4) " فهذا في الآخرة. " عاملة ناصبة " في الدنيا. وقيل: ونقلب في الدنيا، أي نحول بينهم وبين الإيمان لو جاءتهم تلك الآية، كما حلنا بينهم وبين الإيمان أول مرة، لما دعوتهم وأظهرت المعجزة. وفي التنزيل: " واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ". والمعنى: كان ينبغي أن يؤمنوا إذا جاءتهم الآية فرأوها بأبصارهم وعرفوها بقلوبهم، فإذا لم يؤمنوا كان ذلك بتقليب الله قلوبهم وأبصارهم. كما لم يؤمنوا به أول مرة ودخلت الكاف على محذوف، أي فلا يؤمنون كما لم يؤمنوا به أول مرة، أي أول مرة أتتهم الآيات التي عجزوا عن معارضتها مثل القرآن وغيره. وقيل ونقلب أفئدة هؤلاء كيلا