تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٦٤
ويتصدق بثلث ما له في قوله: وأشد ما أخذه على أحد. قال ابن العربي: أما طريق الأدلة فإن الألف واللام في الإيمان لا تخلو أن يراد بها الجنس أو العهد، فإن دخلت للعهد فالمعهود قولك " بالله " فيكون ما قاله الفهري. فإن دخلت للجنس فالطلاق جنس فيدخل فيها ولا يستوفى عدده، فإن الذي يكفي أن يدخل في كل جنس معنى واحد، فإنه لو دخل في الجنس المعنى كله للزمه أن يتصدق بجميع ماله، إذ قد تكون الصدقة بالمال يمينا. والله أعلم.
قوله تعالى: (قل إنما الآيات عند الله) أي قل يا محمد: الله القادر على الآتيان بها، وإنما يأتي بها إذا شاء. " وما يشعركم " أي وما يدريكم أيمانكم، فحذف المفعول. ثم استأنف فقال: " إنها إذا جاءت لا يؤمنون " بكسر إن، وهي قراءة مجاهد وأبي عمرو وابن كثير.
ويشهد لهذا قراءة ابن مسعود " وما يشعركم إذا جاءت لا يؤمنون ". وقال مجاهد وابن زيد:
المخاطب بهذا المشركون، وتم الكلام. حكم عليهم بأنهم لا يؤمنون، وقد أعلمنا في الآية بعد هذه أنهم لا يؤمنون. وهذا التأويل يشبه قراءة من قرأ " تؤمنون " بالتاء. وقال الفراء وغيره، الخطاب للمؤمنين، لأن المؤمنين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، لو نزلت الآية لعلهم يؤمنون، فقال الله تعالى: وما يشعركم أي يعلمكم ويدريكم أيها المؤمنون.
" أنها " بالفتح، وهي قراءة أهل المدينة والأعمش وحمزة، أي لعلها إذا جاءت لا يؤمنون. قال الخليل: " أنها " بمعنى لعلها، وحكاه عنه سيبويه. وفي التنزيل: " وما يدريك لعله يزكى (1) " أي أنه يزكى. وحكي عن العرب: ايت السوق أنك تشتري لنا شيئا، أي لعلك. وقال أبو النجم:
قلت لشيبان آدن من لقائه * أن تغدي القوم من شوائه وقال عدي بن زيد:
أعاذل ما يدريك أن منيتي * إلى ساعة في اليوم أو في ضحى الغد أي لعل. وقال دريد (2) بن الصمة.
أريني جوادا مات هزلا لأنني * أرى ما ترين أو بخيلا مخلدا

(1) راجع ج 19 ص 211.
(2) الصحيح أنه حاتم طي. كما في الصحاح للجوهري، وديوانه.
ويروى: لعلني: فلا شاهد.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»