قال النحاس: وهذه قراءة لا ينبغي أن يقرأ بها من ثلاث جهات: أحدها: أنها مخالفة للسواد. والثانية - أن سيبويه يختار الرفع في خبر إن إذا كانت بمعنى ما، فيقول: إن زيد منطلق، لأن عمل " ما " ضعيف، و " إن " بمعناها فهي أضعف منها. والثالثة - إن الكسائي زعم أن " إن " لا تكاد تأتي في كلام العرب بمعنى " ما "، إلا أن يكون بعدها إيجاب، كما قال عز وجل: " إن الكافرون إلا في غرور (1) ". " فليستجيبوا لكم " الأصل أن تكون اللام مكسورة، فحذفت الكسرة لثقلها. ثم قيل: في الكلام حذف، المعنى: فادعوهم إلى أن يتبعوكم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين أنهم آلهة. وقرأ أبو جعفر وشيبة " أم لهم أيد يبطشون بها " بضم الطاء، وهي لغة. واليد والرجل والأذن مؤنثات يصغرن بالهاء. وتزاد في اليد ياء في التصغير، ترد إلى أصلها فيقال: يدية بالتشديد لاجتماع الياءين.
قوله تعالى: (قل ادعوا شركاءكم) أي الأصنام. (ثم كيدون) أنتم وهي. (فلا تنظرون) أي فلا تؤخرون. والأصل " كيدوني " حذفت الياء لأن الكسرة تدل عليها.
وكذا " فلا تنظرون ". والكيد المكر. والكيد الحرب، يقال: غزا فلم يلق كيدا.
(إن وليي الله الذي نزل الكتاب) أي الذي يتولى نصري وحفظي الله. وولي الشئ: الذي يحفظه ويمنع عنه الضرر. والكتاب: القرآن. (وهو يتولى الصالحين) أي يحفظهم.
وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم جهارا غير مرة يقول: " ألا إن آل أبي - يعني (2) فلانا - ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله وصالح المؤمنين ".
وقال الأخفش: وقرئ " إن ولي الله الذي نزل الكتاب " يعني جبريل. النحاس. هي قراءة عاصم الجحدي. والقراءة الأولى أبين، لقوله: " وهو يتولى الصالحين ".