تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٥٥
وأنصتوا ". وعن مجاهد هذا أيضا: كانوا يتكلمون في الصلاة بحاجتهم، فنزل قوله تعالى:
" لعلكم ترحمون ". وقد مضى في الفاتحة الاختلاف في قراءة المأموم خلف الإمام. ويأتي في " الجمعة (1) " حكم الخطبة، إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والأصال ولا تكن من الغافلين قوله تعالى: (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة) نظيره " ادعوا ربكم تضرعا وخفية (2) " وقد تقدم. قال أبو جعفر النحاس: ولم يختلف في معنى " واذكر ربك في نفسك " أنه في الدعاء.
قلت: قد روي عن ابن عباس أنه يعني بالذكر القراءة في الصلاة. وقيل: المعنى اقرأ القرآن بتأمل وتدبر. " تضرعا " مصدر، وقد يكون في موضع الحال. " وخفية " معطوف عليه. وجمع خيفة خوف، لأنه بمعنى الخوف، ذكره النحاس. وأصل خيفة خوفة، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. خاف الرجل يخاف خوفا وخيفة ومخافة، فهو خائف، وقوم خوف على الأصل، وخيف على اللفظ. وحكى الفراء أنه يقال أيضا في جمع خيفة خيف. قال الجوهري: والجيفة الخوف، والجمع خيف، وأصله الواو. (ودون الجهر) أي دون الرفع في القول. أي أسمع نفسك، كما قال: " وابتغ بين ذلك سبيلا (3) " أي بين الجهر والمخافتة. ودل هذا على أن رفع الصوت بالذكر ممنوع. على ما تقدم في غير موضع.
(بالغدو والآصال) قال قتادة وابن زيد: الآصال العشيات. والغدو جمع غدوة. وقرأ أبو مجلز " بالغدو والإيصال " وهو مصدر آصلنا، أي دخلنا في العشي. والآصال جمع أصل، مثل طنب وأطناب، فهو جمع الجمع، والواحد أصيل، جميع على أصل، عن الزجاج.

(1) راجع ج 18 ص 97 فما بعد.
(2) راجع ص 223 من هذا الجزء.
(3) راجع ج 10 ص 342 فما بعد.
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»