تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٢٥
ومضارها وتتبع مالكها، وهم بخلاف ذلك. وقال عطاء: الأنعام تعرف الله، والكافر لا يعرفه. وقيل: الأنعام مطيعة لله تعالى، والكافر غير مطيع. (أولئك هم الغافلون) أي تركوا التدبر وأعرضوا عن الجنة والنار.
قوله تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعلمون (180) قوله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) فيه ست مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) أمر بإخلاص العبادة لله، ومجانبة المشركين والملحدين.
قال مقاتل وغيره من المفسرين: نزلت الآية في رجل من المسلمين، كان يقول في صلاته: يا رحمن يا رحيم. فقال رجل من مشركي مكة: أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون ربا واحدا، فما بال هذا يدعو ربين اثنين؟ فأنزل الله سبحانه وتعالى: " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ".
الثانية - جاء في كتاب الترمذي وسنن ابن ماجة وغيرهما حديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نص فيه (أن لله) تسعة وتسعين اسما، في أحدهما ما ليس في الآخر. وقد بينا ذلك في (الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى). قال ابن عطية - وذكر حديث الترمذي - وذلك الحديث ليس بالمتواتر، وإن كان قد قال فيه أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صفوان بن صالح، وهو ثقة عند أهل الحديث. وإنما المتواتر منه قوله صلى الله عليه وسلم: " إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة ". ومعنى " أحصاها " عدها وحفظها. وقيل غير هذا مما بيناه في كتابنا. وذكرنا هناك تصحيح حديث الترمذي، وذكرنا من الأسماء ما اجتمع عليه وما اختلف فيه مما وقفنا عليه في كتب أئمتنا ما ينيف على مائتي اسم. وذكرنا قبل تعيينها في مقدمة الكتاب اثنين وثلاثين فصلا فيما يتعلق بأحكامها، فمن أراده وقف عليه هناك وفي غيره من الكتب الموضوعة في هذا الباب. والله الموفق (للصواب (1))، لا رب سواه.

(1) من ج وك.
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»