الثالثة - واختلف العلماء من هذا الباب في الاسم والمسمى، وقد ذكرنا ما للعلماء من ذلك في " الكتاب الأسنى ". قال ابن الحصار: وفي هذه الآية وقوع الاسم على المسمى ووقوعه على التسمية. فقوله: " ولله " وقع على المسمى، وقوله: " الأسماء " وهو جمع اسم واقع على التسميات. يدل على صحة ما قلناه قوله: " فادعوه بها "، والهاء في قوله: " فادعوه " تعود على المسمى سبحانه وتعالى، فهو المدعو. والهاء في قوله " بها " تعود على الأسماء، وهي التسميات التي يدعى بلا بغيرها. هذا الذي يقتضيه لسان العرب. ومثل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لي خمسة أسماء أنا محمد وأحمد " الحديث. وقد تقدم في البقرة شئ من هذا (1).
والذي يذهب إليه أهل الحق أن الاسم هو المسمى، أو صفة له تتعلق به، وأنه غير التسمية.
قال ابن العربي عند كلامه على قوله تعالى: " ولله الأسماء الحسنى ": فيه ثلاثة أقوال. قال بعض علمائنا: في ذلك دليل على أن الاسم المسمى، لأنه لو كان غيره لوجب أن تكون الأسماء لغير الله تعالى. الثاني: قال آخرون: المراد به التسميات، لأنه سبحانه واحد والأسماء جمع.
قلت - ذكر ابن عطية في تفسيره أن الأسماء في الآية بمعنى التسميات إجماعا من المتأولين لا يجوز غيره. وقال القاضي أبو بكر في كتاب التمهيد: وتأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لله تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة " أي أن له تسعة وتسعين تسمية بلا خلاف، وهي عبارات عن كون الله تعالى على أوصاف شتى، منها ما يستحقه لنفسه ومنها ما يستحقه لصفة تتعلق به، وأسماؤه العائدة إلى نفسه هي هو، وما تعلق بصفة له فهي أسماء له. ومنها صفات لذاته. ومنها صفات أفعال. وهذا هو تأويل قوله تعالى: " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " أي التسميات الحسنى. الثالث - قال آخرون منهم: ولله الصفات.
الرابعة - سمى الله سبحانه أسماءه بالحسنى لأنها حسنة في الأسماع والقلوب، فإنها تدل على توحيده وكرمه وجوده ورحمته وإفضاله. والحسنى مصدر وصف به. ويجوز أن يقدر