تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣١٥
هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعلمون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون ". فقال رجل: ففيم العمل؟ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله الجنة وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله الله النار ". قال أبو عمر: هذا حديث منقطع الإسناد، لأن مسلم بن يسار لم يلق عمر. وقال فيه يحيى بن معين: مسلم بن يسار لا (1) يعرف، بينه وبين عمر نعيم بن ربيعة، ذكره النسائي، ونعيم غير معروف بحمل العلم. لكن معنى هذا الحديث قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ثابتة كثيرة من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعبد الله بن مسعود وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين وغيرهم. روى الترمذي وصححه عن أبي هريرة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها (من ذريته (2)) إلى يوم القيامة وجعل بين عيني كل رجل منهم وبيصا من نور ثم عرضهم على آدم فقال يا رب من هؤلاء قال هؤلاء ذريتك فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه فقال أي رب من هذا؟
فقال هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود فقال رب كم جعلت عمره قال ستين سنة قال أي رب زده من عمري أربعين سنة فلما انقضى عمر آدم عليه السلام جاءه ملك الموت فقال أو لم يبق من عمري أربعون سنة قال أو لم تعطها ابنك داود قال فجحد آدم فجحدت ذريته ونسي آدم فنسيت ذريته ". في غير الترمذي: فحينئذ أمر بالكتاب والشهود. في رواية:
فرأى فيهم الضعف والغني والفقير (والذليل (3)) والمبتلى والصحيح. فقال (له (3)) آدم: يا رب، ما هذا؟
ألا سويت بينهم! قال: أردت أن أشكر. وروى عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " أخذوا من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس ". وجعل الله لهم عقولا كنملة سليمان، وأخذ عليهم العهد بأنه ربهم وأن لا إله غيره. فأقروا بذلك والتزموه، وأعلمهم

(1) في ك: مسلم بن يسار يعرف. لعله الصواب.
(2) الزيادة عن صحيح الترمذي.
(3) من ج.
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»