تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٢١
في بني إسرائيل. فلما علمت أنه ليس فيهم مثلها رغبت عنه، فدعا الله عليها أن يجعلها كلبة نباحة. فذهب فيها دعوتان، فجاء بنوها وقالوا: لا صبر لنا عن هذا، وقد صارت أمنا كلبة يعيرنا الناس بها، فادع الله أن يردها كما كانت، فدعا فعادت إلى ما كانت، وذهبت الدعوات فيها. والقول الأول أشهر وعليه الأكثر. قال عبادة بن الصامت: نزلت في قريش، آتاهم الله آياته التي أنزلها الله تعالى على محمد صلى الله عليه وسلم فانسلخوا منها ولم يقبلوها. قال ابن عباس: كان بلعام من مدينة الجبارين. وقيل: كان من اليمن. (فانسلخ منها) أي من معرفة الله تعالى، أي نزع منه العلم الذي كان يعلمه. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (العلم علمان علم في القلب فذلك العلم النافع وعلم على اللسان فذلك حجة الله تعالى على ابن آدم). فهذا مثل علم بلعام وأشباهه، نعوذ بالله منه، ونسأل التوفيق والممات على التحقيق. والانسلاخ: الخروج، يقال: انسلخت الحية من جلدها أي خرجت منه.
وقيل: هذا من المقلوب، أي انسلخت الآيات منه. (فاتبعه الشيطان) أي لحق به، يقال: أتبعت القوم أي لحقتهم. وقيل: نزلت في اليهود والنصارى، انتظروا خروج محمد صلى الله عليه وسلم فكفروا به.
قوله تعالى: ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون (176) ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون (177) قوله تعالى: (ولو شئنا لرفعناه) يريد بلعام. أي لو شئنا لأمتناه قبل أن يعصي فرفعناه إلى الجنة. (بها) أي بالعمل بها. (ولكنه أخلد إلى الأرض) أي ركن إليها، عن
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»