تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٣٧١
سالكين سائرين في بيداء الصفات إلى مقصد الذات، غير واقفين معها * (لا نريد منكم جزاء) * مكافأة * (ولا شكورا) * وثناء لعدم احتجابنا بالأغراض والأعراض.
* (إنا نخاف من ربنا) * يوم تجلي السخط والغضب وظهوره في صفة العبوس والقهر * (فوقاهم الله شر ذلك اليوم) * بتجليه في صورة الرضا واللطف * (ولقاهم) * نضرة الرضوان وسرور النعيم الدائم * (وجزاهم) * بصبرهم عن اللذات النفسانية والتزيينات الشيطانية في جنان الأفعال مع أنوار الصفات جنة الذات وحرير ملابس الصفات الإلهية النورانية اللطيفة.
* (متكئين) * في تلك الجنة على أرائك الأسماء التي هي الذات مع الصفات بحسب مقاماتهم ومراتبهم ودرجاتهم منها * (لا يرون فيها) * شمس حرارة الشوق إليها مع الحرمان ولا زمهرير برودة الوقوف مع الأكوان، فإن الوقوف مع الكون برد قاسر وثقل عاصر.
* (ودانية عليهم) * ظلال الصفات قريبة منهم ساترة إياهم لاتصافهم بها وكونهم في روحها * (وذللت) * لهم * (قطوفها) * من ثمار علوم توحيد الذات وتوحيد الصفات والأحوال والمواهب * (تذليلا) * تاما كلما شاؤوا جنوها وتلذذوا وتفكهوا بها.
تفسير سورة الإنسان من [آية 15 - 18] * (ويطاف عليهم بآنية من فضة) * هي مظاهر حسن الصفات من محاسن الصور وكونها من فضة نوريتها وبياضها وزينتها وبهاؤها * (وأكواب) * من صور أوصاف المجردات اللطيفة والجواهر المقدسة لكونها بلا عرى التعلق بالمواد فلا يمكن قبضها بالعرى من غير الاتصال بذواتها ولكونها من عالم الغيب لم تكن مكشوفة الرأس كالأواني * (كانت قوارير) * لصفائها وتلألؤ نور الذات من ورائها، وكما قال في تشبيه القلب بالزجاجة: * (الزجاجة كأنها كوكب دري) * [النور، الآية: 35] أي: في صفاء الزجاجة وضياء الكوكب فكذلك ها هنا قال: * (قوارير من فضة) * أي: في صفاء الزجاجة وشفيفها وبياض الفضة وبريقها * (قدورها تقديرا) * أي: على حسب استعداداتهم ومبالغ ريهم على قدر أشواقهم وإرادتهم كما قدروا في أنفسهم وجدوها كما قيل: لا تغيض ولا تفيض.
* (ويسقون فيها كأسا كان مزاجها) * زنجبيل لذة الاشتياق، فإنهم لا شوق لهم ليكون شرابهم الزنجبيل الصرف الذي هو غاية حرارة الطلب لوصولهم، ولكن لهم الاشتياق للسير في الصفات وامتناع وصولهم على جميعها فلا تصفو محبتهم من لذة
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»