تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٦
سورة القيامة بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة القيامة من [آية 1 - 4] * (لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة) * جمع بين القيامة والنفس اللوامة في القسم بهما تعظيما لشأنهما وتناسبا بينهما، إذ النفس اللوامة هي المصدقة بها، المقرة بوقوعها، المهيئة لأسبابها لأنها تلوم نفسها أبدا في التقصير والتقاعد عن الخيرات وإن أحسنت لحرصها على الزيادة في الخير وأعمال البر تيقنا بالجزاء فكيف بها إن أخطأت وفرطت وبدرت منها بادرة غفلة ونسيانا. وحذف جواب القسم لدلالة قوله:
* (أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه) * عليه وهو: لتبعثن. والمراد بالقيامة ها هنا الصغرى لهذه الدلالة بعينها * (بلي) * أي: بلى نجمعها * (قادرين على) * تسوية بنانه التي هي أطراف خلقته وتمامها بأن نعدلها كما كانت. وقيل في بعض التفاسير الظاهرة: على أن نضمها فنجعلها مسواة شيئا واحدا كحافر الحمير وخف البعير.
تفسير سورة القيامة من [آية 5 - 19] * (بل يريد الإنسان) * ليدوم على الفجور بالميل إلى اللذات البدنية والشهوات البهيمية غارزا رأسه فيها فيما بين يديه من الزمان الحاضر والمستقبل، فيغفل عن القيامة لقصور نظره عنها كونه مقصورا على اللذات العاجلة وفرط تهالكه عليها واحتجابه بها عن الآجلة سائلا عنها متعنتا مستبعدا إياها بقوله: * (أيان يوم القيامة) * * (فإذا برق البصر) * أي: تحير ودهش شاخصا من فزع الموت * (وخسف) * قمر القلب لذهاب نور العقل عنه * (وجمع) * شمس الروح وقمر القلب بأن جعلا شيئا واحدا طالعا عن مغرب البدن لا يعتبر له رتبتان كما كان حال الحياة بل اتحدا روحا واحدا * (يقول الإنسان يومئذ أين المفر) * أي: يطلب مهربا ومحيصا * (كلا) * ردع له عن طلب المفر * (لا وزر) * لا ملجأ * (إلى ربك يومئذ) * خاصة مستقر من نار أو جنة مفوض إليه لا إلى غيره ولا إلى اختياره
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»