تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٢٥٢
* (وكرهوا رضوانه) * الذي هو الانسلاخ عن صفاتهم للاتصاف بصفاته والتوجه إلى جنابه الموجب لمقام الرضا والقرب، فاستحقوا الضرب في الوجوه.
* (أم حسب الذين في قلوبهم مرض) * لما كانت سراية هيئات النفس إلى البدن أسرع من تعدي هيئات البدن إلى النفس لكونها من الملكوت التي من شأنها التأثير وكون البدن من عالم الملك الذي من شأنه الانفعال لم يمكن إخفاء الأحوال النفسانية كما ترى من ظهور هيئات الغضب والمساءة والمسرة على وجوه أصحابها لكن الجهل الذي هو من أصعب أمراض القلوب يغر صاحبه ويعميه فيحسب أن ما في قلبه من الغل والحقد والحسد يخفيه والله يظهرها على صفحات وجهه وفي فلتات لسانه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام: ' ما أضمر أحد شيئا إلا وأظهره الله في فلتات لسانه وصفحات وجهه '. وذلك معنى قوله: * (فلعرفتهم بسيماهم) * * (ولتعرفنهم في لحن القول) * ولهذا قيل: لو بات أحد على معصية أو طاعة في مطمورة وراء سبعين باب مغلقة لأصبح الناس يتقاولون بها لظهورها في سيماه وحركاته وسكناته وشهادة ملكاته بها.
تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم من [آية 31 - 38] * (ولنبلوكم حتى نعلم) * علم الله تعالى قسمان: سابق على معلوماته إجمالا في لوح القضاء، وتفصيلا في لوح القدر، وتابع إياها في المظاهر التفصيلية من النفوس البشرية والنفوس السماوية الجزئية، فمعنى * (حتى نعلم) * حتى يظهر علمنا التفصيلي في المظاهر الملكوتية والإنسية التي يثبت بها الجزاء، والله أعلم.
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»