تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١٧٧
النفس فتجور ضالا عن سبيل الحق إلى سبيل الشيطان.
تفسير سورة ص من [آية 27 - 33] * (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما) * خلقا * (باطلا) * لا حق فيها، بل حقا محتجبا بصورها لا وجود لها بنفسها فتكون باطلا محضا.
* (ذلك ظن) * المحجوبين عن الحق بمظاهر الكون * (فويل) * لهم من نار الحرمان والاحتجاب والتقلب في نيران الطبيعة والأنائية بأشد العذاب.
بل لم نجعل * (الذين آمنوا) * بشهود جماله في مظاهر الأكوان * (وعملوا الصالحات) * من الأعمال المقصودة بذاتها، المتعلقة بصلاح العالم، الصادرة عن أسمائه * (كالمفسدين) * المحجوبين الفاعلين بأنفسهم وصفاتهم الأفعال البهيمية والسبعية والشيطانية في أرض الطبيعة * (أم نجعل المتقين) * المجردين عن صفاتهم * (كالفجار) * المتلبسين بالغواشي النفسانية والشيطانية في أعمالهم * (ليدبروا آياته) * بالنظر العقلي ما داموا في مقام النفس، فينخلعوا عن صفاتهم في متابعة صفاته * (وليتذكر) * حال العهد الأول والتوحيد الفطري عند التجرد * (أولو) * الحقائق المجردة الصافية عن قشر الخلقة.
ثم ذكر تلوين سليمان وابتلاءه تأكيدا لتثبيته، وتقوية له في استقامته وتمكينه * (نعم العبد) * لصلاحية استعداده للكمال النوعي الإنساني وهو مقام النبوة * (إنه أواب) * رجاع إلي بالتجريد.
* (إذ عرض عليه بالعشي) * وقت قرب غروب شمس الروح في الأفق الجسماني بميل القلب إلى النفس وظهور ظلمتها بالميل إلى المال واستيلاء محبة الجسمانيات واستحسانها، كما قال الله تعالى: * (زين للناس حب الشهوات) * [آل عمران، الآية: 14] إلى قوله: * (والخيل المسومة والأنعام والحرث) *. فإن الميل إلى الزخارف الدنيوية والمشتهيات الحسية وهوى اللذات الطبيعية والأجرام السفلية يوجب إعراض النفس عن الجهة العلوية، واحتجاب القلب عن الحضرة الإلهية * (الصافنات الجياد) * التي استعرضها وانجذب بهواها وأحبها * (فقال إني أحببت حب الخير) * أي: أحببت منيبا حب المال * (عن ذكر ربي) * مشتغلا به لمحبتي إياه كما يجب لمثلي أن يشتغل بربه ذاكرا محبا له، فاستبدلت محبة المال بذكر ربي ومحبته فذهلت عنه * (حتى توارت) * شمس
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»