تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١٧٦
استقامته في التلوين فلا يكن حالك في ظهور النفس حاله. ثم وصف قوة حال داود عليه السلام وكماله بقوله: * (إنه أواب) * رجاع إلى الحق عن صفاته وأفعاله بالفناء فيه.
* (إنا سخرنا) * جبال الأعضاء معه * (يسبحن) * بالانقياد والتمرن في الطاعة أوقات العبادة وقت عشي الاستتار واحتجاب نور شمس الروح بظهور النفس وإشراق التجلي وسلطان نور شمس الروح على النفس لا يتفاوت حاله في العبادة بالفترة والعزيمة في الوقتين لكمال تمرين نفسه وبدنه في الطاعة، وطير القوى بأجمعها * (محشورة) * مجموعة، متسالمة بهيئة العدالة والانخراط في سلك الوحدة في تسبيحاتها المخصوصة بكل واحدة منها * (كل له أواب) * رجاع لتسبيحه بتسبيحه.
* (وشددنا ملكه) * قويناه بالتأييد وإيتاء العزة والهيبة، وإعطاء العز والقدرة لائتلاف نفسه بأنوار تجليات القهر والعظمة والكبرياء والعزة واتصافه بصفاتنا الباهرة، فيهابه كل أحد ويجله ويذعن لسلطنته ويبجله * (وآتيناه الحكمة) * لاتصافه بعلمنا * (وفصل الخطاب) * والفصاحة المبينة للأحكام، أي: الحكمة النظرية والعملية والمعرفة والشريعة. وفصل الخطاب: هو المفصول، المبين من الكلام المتعلق بالأحكام.
تفسير سورة ص من [آية 21 - 26].
ثم بين تلوينه وظهور نفسه في زلته، وتبيينه الحق بالعتاب على خطيئته وتأديبه إياه وتداركه بتوبته بقوله: * (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب) * * (وظن) * أي: تيقن * (داود أنما) * ابتليناه بامرأة أوريا * (فاستغفر ربه) * بالتنصل عن ذنبه بالافتقار والالتجاء إليه في المجاهدة وكسر النفس وقمعها بالمخالفة * (وخر) * بمحو صفات النفس * (راكعا) * فانيا في صفات الحق * (وأناب) * إلى الله بالفناء في ذاته * (فغفرنا له ذلك) * التلوين بستر صفاته بنور صفاتنا * (وإن له عندنا لزلفى) * بالوجود الحقاني الموهوب حال البقاء بعد الفناء * (وحسن مآب) * لاتصافه حينئذ بصفاتنا لا بأنائيته ليلتحق بنا ويحكم بأحكامنا في محل الخلافة الإلهية، كما قال: * (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس) * بالحكم * (الحق) * لا بنفسك ليكون عدلا لا جورا * (ولا تتبع الهوى ) * بظهور
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»