تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١٨٠
كالحجر للثقل، وتختمه به: لبسه به بانضمامه إلى نفسه، وجلوسه على كرسي سليمان:
هو إلقاء الله تعالى بدنه ميتا على موضعه وسرير سلطنته كما قال تعالى: * (وألقينا على كرسيه جسدا) * وتغير سليمان عن هيئته بقاء الهيئات الجسمانية والآثار الهيولانية من بقايا الصفات النفسانية عليه بعد المفارقة البدنية وتغيره عن النورانية الفطرية والهيئة الأصلية، وإتيانه أمينة لطلب الخاتم: ميله إلى البدن ومحبته له وشوقه إليه، وإنكارها إياه وطردها له: عبارة عن عدم قبول الطبيعة البدنية الحياة لبطلان المزاج، ودوره على البيوت متكففا: ميله إلى الحظوظ واللذات الجسمانية وانجذابه إليها بالشوق للهيئات النفسانية، وحثيهم التراب على وجهه وسبهم إياه عبارة عن: حرمانه من تلك الحظوظ واللذات وفقدان أسباب تلك الشهوات، وقصده إلى السماكين وخدمته لهم: إشارة إلى الميل إلى قرارة الأرحام المتعلق بالنطفة، ومكثه أربعين يوما في خدمة السماكين: إشارة إلى قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الرباني: ' خمرت طينة آدم بيدي أربعين صباحا '، وطيران الشيطان: سريان الطبيعة العنصرية في التركيب، وإلقاؤه الخاتم في البحر:
تلاشي التركيب البدني في البحر الهيولاني، وابتلاع السمكة إياه: جذب الرحم للمادة البدنية التي هي النطفة، ووقوع السمكة في يد سليمان: تعلقه في الرحم بها واستيلاؤه على الرحم بالاغتذاء منه والتصرف فيه، وبقر بطنها وأخذ الخاتم منه وتختمه به: فتح الرحم وإخراج البدن منه وتلبسه به وخروره ساجدا ورجوع ملكه: حصول كماله به بالانقياد لأمر الله والفناء فيه، وجعله لصخر في صخرة وإلقاؤه إياه في البحر: إبقاء الطبيعة الأرضية على حالها منطبعة محبوسة في باطن الجرم ملازمة للثقل، والميل إلى السفل في بحر الهيولى عند وجود الطبيعة البدنية وتركه إياه فيه غير قادر على استيلاء أمينة وأخذ الخاتم منها إلى حين. * (ثم أناب) * بعد اللتيا والتي إلى الله بالتجريد والتزكية.
* (قال رب اغفر لي) * ذنوب تعلقاتي وهيئاتي الساترة لنوري المظلمة المكدرة لصفائي بنورك * (وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) * أي: كمالا خالصا باستعدادي يقتضيه هويتي لا ينبغي لغيري لاختصاصه بي وهو الغاية التي يمكنه بلوغها * (إنك أنت الوهاب) * لجميع الاستعدادات وكل ما سئلت من الكمالات كما قال تعالى: * (وءاتاكم من كل ما سألتموه) * [إبراهيم، الآية: 34] تفسير سورة ص من [آية 36 - 40] * (فسخرنا له) * ريح الهوى * (تجري بأمره رخاء) * لينة طيعة منقادة لا تتزعزع بالاستيلاء والاستعصاء * (حيث) * قصد وارد * (والشياطين) * الجنية الباطنة من القوى النفسانية * (كل بناء) * مقدر بالهندسة عامل لأبنية الحكم العملية وقواعد القوانين العدلية
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»