تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١٨١
* (وغواص) * في بحور العوالم القدسية والهيولانية، مخرج لدرر المعاني الكلية والجزئية والحكم العملية والنظرية * (وآخرين) * من القوى النفسانية والطبيعية * (مقرنين في) * أصفاد القيود الشرعية وأغلال الرياضات العقلية والإنسية الظاهرة من العمال المسخرين في الأعمال، والفساق والعصاة المقرنين في الأغلال.
* (هذا عطاؤنا) * المحض * (فامنن أو أمسك) * أي: أطلق إرادتك واختيارك في الحل والعقد والإعطاء والمنع عند الكمال التام والعطاء الصرف، أي: الوجود الموهوب حال البقاء بعد الفناء كما شئت * (بغير حساب) * عليك، فإنك قائم بنا مختار باختيارنا متحقق بذاتنا وصفاتنا، وذلك معنى قوله: * (وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب) *.
تفسير سورة ص من [آية 41 - 43] * (واذكر عبدنا أيوب) * في ابتلائنا إياه عند ظهور نفسه في التلوين بإعجابه بكثرة ماله أو مداهنته لكافر النفس في ظهورها وترك تغذيته إياها بالرياضة والمجاهدة لكون ماشية قواه الطبيعية في ناحيته أو عدم إغاثته لمظلوم العقل النظري والقوى القدسية عند استقامته على اختلاف الروايات في التفاسير الظاهرة في سبب ابتلائه، ويمكن الجمع بينها وابتلاؤه بالمرض والزمانة، ووقوع ديدان القوى الطبيعية فيه، واستئكاله وسقوطه على فراش البدن حتى لم يبق منه إلا القلب واللسان، أي: الفطرة والاستعداد الأصليان دون ما اكتسب من الكمالات * (إذ نادى ربه) * بلسان الاضطرار والافتقار في مكمن الاستعداد * (أني مسني الشيطان بنصب وعذاب) * أي: استولى علي الوهم بالوسوسة فلقيت بسببه هذا المرض والعذاب من الأخلاق الرديئة والاحتجاب.
* (اركض برجلك) * أي: اضرب بقوتك التي تلي أرض البدن من العقل العملي المسمى صدر أرض بدنك تنبع عينان من الحكمة العملية والنظرية * (هذا مغتسل) * أي:
العملية المزكية للنفوس، المظهرة من ألواث الطبائع، المبرئة من أمراض الرذائل * (بارد) * ذو روح وسلامة * (وشراب) * من النظرية، أي: العلم المفيد لليقين الدافع لمرض الجهل، والزمانة عن السير، فتغتسل وتشرب منه تبرأ بإذن الله ظاهرك وباطنك وتصح وتقوى.
* (ووهبنا له أهله) * قيل: كان له سبعة أبناء وسبع بنات، فانهدم عليهم البيت في الابتلاء فهلكوا فأحياهم الله عند كشف الضر وإعادة أموال الكمالات عليه، وهي إشارة إلى الروحانية والنفسانية الهالكة في التلوين واستيلاء الطبيعة البدنية أو البالغة في التلوين الأعظم وخراب البدن واستئكال الديدان إياه حتى لم يبق منه إلا القلب ولسان الاستعداد الفطري، فأحياهم عند الإنابة والرجوع إلى حال الصحة والقوة وكشف المرض والزمانة
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»