تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١٥٥
المقهورة بالقوى الطبيعية لضعفها بالرياضة وانقطاع مدد القلب عنها حينئذ أي: لا يطلعون إلا على حال الدابة التي تأكل المنسأة بالاستيلاء عليها لأن النفس الحيوانية عند عروج القلب ضعفت وسقطت قواها ولم يبق منها إلا القوى الطبيعية الحاكمة عليها * (فلما خر) * من صعقته الموسوية وذهل في الحضور والاشتغال بالحضرة الإلهية عن استعمالها في الأعمال وإعمالها بالرياضات * (تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون) * غيب مقام السر بالاطلاع على المكاشفات لو كانوا مجردين * (ما لبثوا في العذاب المهين) * من الرياضة الشاقة التي تمنعهم الحظوظ والمرادات ومقتضيات الطباع والأهواء بالمخالفات والإجبار على الأعمال المتعبة في السلوك والاقتصار بها على الحقوق.
* (لقد كان لسبأ) * أهل مدينة البدن * (في مساكنهم) * في مقارهم ومحالهم * (أيه) * دالة لهم على صفات الله وأفعاله * (جنتان) * جنة الصفات والمشاهدات عن يمينهم من جهة القلب والبرزخ التي هو أقوى الجهتين وأشرفهما، وجنة الآثار والأفعال عن شمالهم من جهة الصدر والنفس التي هي أضعف الجهتين وأخسهما * (كلوا من رزق ربكم) * من الجهتين كقوله: * (لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) * [المائدة، الآية: 66]، * (واشكروا له) * باستعمال نعم ثمراتها في الطاعات والسلوك فيه بالقربات * (بلدة طيبة) * باعتدال المزاج والصحة * (ورب غفور) * يستر هيئات الرذائل وظلمات النفوس والطباع بنور صفاته وأفعاله، فلكم التمكين من جهة الاستعداد والأسباب والآلات والتوفيق بالإمداد وإفاضات الأنوار.
تفسير سورة سبأ من [آية 16 - 19] * (فأعرضوا) * عن القيام بالشكر والتوسل بها إلى الله بل عن الأكل من ثمراتها التي هي العلوم النافعة والحقيقية بالانهماك في اللذات والشهوات والانغماس في ظلمات الطبائع والهيئات. * (فأرسلنا عليهم سيل) * الطبيعة الهيولانية بنقب جرذان سيول الطبائع العنصرية سكر المزاج الذي سدته بلقيس النفس التي هي ملكتهم. والعرم الجرذ * (وبدلناهم بجنتيهم جنتين) * من شوك الهيئات المؤذية وأصل الصفات السيئة البهيمية والسبعية والشيطانية * (ذواتي أكل خمط) * أي: ثمرة مرة بشعة كقوله: * (طلعها كأنه رؤوس الشياطين 65) * [الصافات، الآية: 65]
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»