لأن المحجوب لا يمكنه معرفة العارف وكلامه، إذ كل عارف بشيء لا يعرفه إلا بما فيه من معناه، فمن لم يكن له حظ من العلم ونصيب من المعرفة لا يعرف العالم العارف وعلمه لخلوه عما به يمكن معرفته * (ويهدي إلى) * طريق الوصول إلى الله * (العزيز) * الذي يغلب المحجوبين ويمنعهم بالقهر والقمع * (الحميد) * الذي ينعم على المؤمنين بأنواع اللطف ولو لم يعتبر تطبيق الصفتين على قوله: * (ليجزى الذين ءامنوا) * [سبأ، الآية: 4] إلى آخره، واعتبر التطبيق على قوله: * (ويرى الذين أوتوا العلم) * لكان معنى * (العزيز) * القوي الذي يغلب الواصلين بالإفناء * (الحميد) * الذي ينعم عليهم بصفاته عند البقاء.
تفسير سورة سبأ من [آية 10 - 12] * (ولقد آتينا داود) * الروح * (منا فضلا) * بعلو الرتبة وتسبيح المشاهدة والمناغاة في المحبة مع مزيد العبادة والتفكر والكمالات العلمية والعملية، بأن قلنا * (يا جبال) * الأعضاء * (أوبي) * أي: سبحي * (معه) * بالتسبيحات المخصوصة بك من الانقياد والتمرن في الطاعات بالحركات والسكنات والأفعال والانفعالات التي أمرناك بها وطير القوى الروحانية بالتسبيحات القدسية من الأذكار والإدراكات والتعقلات والاستفاضات والاستشراقات من الأرواح المجردة والذوات المفارقة كل بما أمر * (وألنا له) * حديد للطبيعة الجسمانية العنصرية * (أن اعمل سابغات) * من هيئات الورع والتقوى فإن الورع الحصين في الحقيقة هو لباس الورع الحافظ من صوارم دواعي أعادي النفوس وسهام نوازع الشياطين * (وقدر) * بالحكمة العملية والصنعة المتقنة العقلية والشرعية في ترغيب الأعمال المزكية ووصول الهيئات المانعة من تأثير الدواعي النفسية * (واعملوا) * أيها العاملون لله بالجمعية في الجهة السفلية إلى الجهة العلوية عملا صالحا يصعدكم في الترقي إلى الحضرة الإلهية ويعدكم لقبول الأنوار القدسية. والخطاب لداود الروح وآله من القوى الروحانية والنفسانية والأعضاء البدنية.
* (ولسليمان) * القلب ريح الهوى النفسانية * (غدوها شهر) * أي: جريها غداة طلوع نور الروح وإشراق شعاع القلب وإقبال النهار سير طور في تحصيل الأخلاق والفضائل والطاعات والعبادات والصوالح التي تتعلق بسعادة المعاد * (ورواحها) * أي: جريها رواح غروب الأنوار الروحية في الصفات النفسية وزوال تلألؤ أشعتها، وإدبار نهار النور سير طور آخر في ترتيب مصالح المعاش من الأقوات والأرزاق والملابس والمناكح وما