تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١٦٠
* (والذين يمكرون السيئات) * بظهور صفات النفوس وإن كانوا عالمين * (لهم عذاب) * من هيئات الأعمال القبيحة المؤذية * (شديد) *.
* (إنما يخشى الله من عباده العلماء) * أي: ما يخشى الله إلا العلماء، العرفاء به، لأن الخشية ليست هي خوف العقاب بل هيئة في القلب خشوعية انكسارية عند تصور وصف العظمة واستحضاره لها، فمن لم يتصور عظمته لم يمكنه خشيه، ومن تجلى الله له بعظمته خشيه حق خشيته. وبين الحضور التصوري الحاصل للعالم الغير العارف وبين التجلي الثابت للعالم العارف بون بعيد، ومراتب الخشية لا تحصى بحسب مراتب العلم والعرفان * (أن الله عزيز) * غالب على كل شيء بعظمته * (غفور) * يستر صفة تعظم النفس وهيئة تكبرها بنور تجلي عزته.
تفسير سورة فاطر من [آية 29 - 33] * (إن الذين يتلون كتاب الله) * الذي أعطاهم في بدء الفطرة من العقل القرآني بإظهاره وإبرازه ليصير فرقانا * (وأقاموا) * صلاة الحضور القلبي عند ظهور العلم الفطري * (وأنفقوا مما رزقناهم) * من صفة العلم والعمل الموجب لظهوره عليهم * (سرا) * بالتجريد عن الصفات * (وعلانية) * بترك الأفعال * (يرجون) * في مقام القلب بالترك والتجريد * (تجارة لن تبور) * من استبدال أفعال الحق وصفاته بأفعالهم وصفاتهم * (ليوفيهم أجورهم) * في جنات النفس والقلب من ثمرات التوكل والرضا * (ويزيدهم من فضله) * في جنات الروح مشاهدات وجهه في التجليات * (أنه غفور) * يستر لهم ذنوب أفعالهم وصفاتهم * (شكور) * يشكر سعيهم بالإبدال من أفعاله وصفاته.
* (والذي أوحينا إليك من الكتاب) * الفرقاني المطلق * (هو الحق) * الثابت المطلق الذي لا مزيد عليه ولا نقص فيه * (مصدقا لما بين يديه) * لكونه مشتملا عليها، حاويا لما فيها بأسرها * (إن الله بعباده لخبير) * يعلم أحوال استعداداتهم * (بصير) * بأعمالهم، يعطيهم الكمال على حسب الاستعداد بقدر الاستحقاق بالأعمال.
* (ثم أورثنا) * منك هذا * (الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) * المحمديين المخصوصين من عند الله بمزيد العناية وكمال الاستعداد بالنسبة إلى سائر الأمم لأنهم لا
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»