تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١٢٤
إلى الآية 24] * (ولقد فتنا الذين من قبلهم) * من أهل الاستبصار والاستعداد بأنواع المصائب والمحن والرياضات والفتن، حتى يتميز الصادق في الطلب، القابل للكمال بظهور كماله من الكاذب المهوس الضعيف الاستعداد.
* (من كان يرجو لقاء الله) * في أحد المواطن سواء كان موطن الثواب والآثار أو موطن الأفعال أو موطن الأخلاق أو موطن الصفات أو موطن الذات * (فإن أجل الله) * في إحدى المقامات الثلاث * (لأت) * أي: فليتيقن وقوع اللقاء بحسب حاله ورجائه عند الأجل المعلوم، وليعمل الحسنات ليجد الكرامة في جنة النفس من باب الآثار والأفعال عند الموت الطبيعي، أو ليجتهد في المحو بالرياضات والمراقبات ليشاهد في جنة القلب من تجليات الصفات ومقامات الأخلاق ما يشتهيه ويدعيه عند الموت الإرادي، أو ليجاهد في الله حق جهاده بالفناء فيه ليجد روح الشهود وذوق الجمال في جنة الروح عند الموت الأكبر والطامة الكبرى.
* (ومن جاهد) * في أي مقام كان لأي موطن أراد * (فإنما يجاهد لنفسه) *. * (والذين آمنوا) * كل واحد من أنواع الإيمان المذكورة * (وعملوا الصالحات) * بحسب إيمانهم * (لنكفرن عنهم) * سيئات أعمالهم وأخلاقهم، أو صفاتهم أو ذواتهم بأنوار ذاته * (ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون) * من أعمالنا الصادرة عن صفاتنا بدل أعمالهم.
* (ووصينا الإنسان) * إلى آخره، جعل أول مكارم الأخلاق إحسان الوالدين إذ هما مظهرا صفتي الإيجاد والربوبية، فكان حقهما يلي حق الله بقرن طاعتهما بطاعته لأن العدل ظل التوحيد، فمن وحد الله لزمه العدل وأول العدل مراعاة حقوقهما لأنهما أولى الناس، فوجب تقديم حقوقهما على حق كل أحد إلا على حقه تعالى، ولهذا أوجبت طاعتهما في كل شيء إلا في الشرك بالله.
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»