تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١٢١
إلى الآية 88] * (إن قارون كان من قوم موسى) * عالما كبلعم بن باعوراء * (فبغى عليهم) * لاحتجابه بنفسه وعلمه بالتكبر والاستطالة عليهم، فغلب عليه الحرص. ومحبة الدنيا ابتلاء من الله لغروره واحتجابه برؤيته زينة نفسه بكمالها، فمال هواه إلى الجهة السفلية، فخسف به فيها محجوبا ممقوتا.
* (تلك الدار الآخرة) * من العالم القدسي الباقي * (نجعلها للذين) * لا يحتجبون بنفوسهم وصفاتها فتصير فيهم الإرادة الفطرية الطالبة للترقي والعلو في سماء الروح هوى نفسانية تطلب الاستعلاء والاستطالة والتكبر على الناس في الأرض، ويصير صلاحهم بطلب المعارف واكتساب الفضائل والمعالي فسادا يوجب جمع الأسباب والأموال وأخذ حقوق الخلق بالباطل * (والعاقبة) * للمجردين الذين تزكت نفوسهم عن الرذائل المردية والأهواء المغوية.
* (إن الذي فرض عليك القرآن) * أوجب لك في الأزل عن البداية والاستعداد الكامل الذي هو العقل القرآني الجامع لجميع الكمالات وجوامع الكلم والحكم * (لرادك إلى معاد) * ما أعظمه لا يبلغ كنهه ولا يقدر قدره هو الفناء في الله في أحدية الذات والبقاء بالتحقق به بجميع الصفات * (قل ربي أعلم من جاء بالهدى) * أي: لا يعلم حالي وكنه هدايتي وما أوتيت من العلم اللدني المخصوص به إلا ربي لا أنا ولا غيري، لفنائي فيه عن نفسي واحتجاب غيري عن حالي * (ومن هو في ضلال مبين) * من هو محجوب عن الحق لعدم الاستعداد وكثافة الحجاب لكون غيري محجوبا عن حال استعدادي فما علمته بل هو العالم به لا أنا، لفنائي فيه وتحققي به.
* (وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب) * كتاب العقل الفرقاني بتفصيل ما جمع فيك لكونك في حجب النشأة مغمورا، وعما أودع فيك محجوبا * (الآ) * أي: لكن ألقى
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»