إلى آية] * (سواء بيننا وبينكم) * أي: لم يختلف في كلمة التوحيد نبي ولا كتاب قط * (وما كان لبشر أن يؤتيه الله) * الآية: الاستنباء لا يكون إلا بعد مرتبة الولاية والفناء في التوحيد. ما ينبغي لبشر محا الله بشريته بإفنائه عن نفسه وأثابه وجودا نورانيا حقانيا قابلا للكتاب والحكمة الإلهية، ثم يدعو الخلق إلى نفسه، إذ الداعي إلى نفسه يكون محجوبا بالنفس كفرعون وأضرابه من الذين علموا التوحيد وما وجدوه حالا وذوقا، ولم يصلوا إلى العيان ونفوسهم باقية ما ذاقت طعم الفناء، فاحتجبوا بها، فدعوا الخلق إلى نفوسهم وهم ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ' شر الناس من قامت القيامة عليه وهو حي '. * (ولكن) * يقول * (كونوا ربانيين) * منسوبين إلى الرب لاستيلاء الربوبية عليهم وطمس البشرية بسبب كونهم عالمين عاملين معلمين تالين لكتب الله، أي:
كونوا عابدين مرتاضين بالعلم والعمل والمواظبة على الطاعات حتى تصيروا ربانيين بغلبة النور على الظلمة * (ولا يأمركم) * بتعبد معين والتقيد بصورة، فإنه حجاب وكفر ولا يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاحتجاب بعد إسلامكم الوجود لله.
تفسير سورة آل عمران آية 81] * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين) * إلى آخره، إن بين النبيين تعارفا أزليا بسبب كونهم أهل الصف الأول، عرفاء بالله، وكل عارف يعرف مقام سائر العرفاء ومتعهدهم من الله بعهد التوحيد عام لبني آدم، كما ذكر، وعهد النبيين خاص بهم وبمن يعرفهم بحق المتابعة، فقد أخذ الله من النبيين عهدين أحدهما ما ذكر في قوله: * (وإذ أخذ ربك من بني آدم) * [الأعراف، الآية: 172] إلى آخره. وثانيهما ما ذكر في قوله تعالى: * (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا 7) * [الأحزاب، الآية: 7] وهو عهد التعارف بينهم، وإقامة الدين، وعدم التفرق به بتصديق بعضهم بعضا ودعوة الحق إلى التوحيد، وتخصيص العبادة بالله تعالى، وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وتعريف بعضهم بعضا إلى أممهم وخصوصه بسبب أن معرفة الله