تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٣٤٨
الحق واتصافها بصفة الإنصاف والصدق وحصول ملكة العدالة بنور الوحدة وظهور المحبة حال الفرق بعد الجمع وكمال طمأنينة النفس لإقرارها بفضيلة القلب وصدقه وذنبها وبراءته فإن من كمال اطمئنان النفس اعترافها بالذنب واستغفارها عما فرط منها حالة كونها أمارة وتمسكها بالرحمة الإلهية والعصمة الربانية واستخلاص الملك إياه لنفسه استخلافه للقلب على الملك بعد الكمال التام، كما جاء في القصة: أجلسه على سريره وتوجه بتاجه وختمه بخاتمه وقلده بسيفه وعزل قطفير ثم توفى قطفير وزوجه الملك امرأته زليخا واعتزل عن الملك وجعله في يده وتخلى بعبادة ربه. كل ذلك إشارة إلى مقام خلافة الحق كما قال لداود: * (إنا جعلناك خليفة في الأرض) * [ص، الآية: 26]. وتوفي العزيز إشارة إلى وصول القلب إلى مقامه وذهاب الروح في شهوده للوحدة. وتزوجه بامرأة العزيز إشارة إلى تمتيع القلب النفس بعد الاطمئنان بالحظوظ فإن النفس الشريفة المتنورة تقوى بالحظوظ على محافظة شرائط الاستقامة وتقنين قوانين العدالة واستنباط أصول العلم والعمل وهما الولدان اللذان جاءا في القصة أنها ولدتهما منه افراثيم وميشا. وروي أنه لما دخل عليها قال لها: أليس هذا خيرا مما طلبت؟ فوجدها عذراء وهو إشارة إلى حسن حالها في الاطمئنان مع التمتيع ومراعاة العدالة، وكونها عذراء إشارة إلى أن الروح لا يخالط النفس لتقدسه دائما وامتناع مباشرته إياها، فإن مطالبه كلية لا تدرك جزئياتها بخلاف القلب وإنما كانت امرأته لتسلطه عليها ووصول أثر أمره وسلطانه إليها بواسطة القلب ومحكوميتها له في الحقيقة وسؤال التولية على خزائن الأرض ووصف نفسه بالحفظ والعلم هو أن القلب يدرك الجزئيات المادية ويحفظها دون الروح فيقتضي باستعداده قبول ذلك المعنى من الواهب الذي هو ملك روح القدس وتمكينه في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء استخلافه بالبقاء بعد الفناء عند الوصول إلى مقام التمكين وهو أجر المحسن أي العابد لربه في مقام الشهود لرجوعه إلى التفصيل من عين الجمع * (ولأجر الآخرة) * أي:
الحظ المعنوي بلذة شهود الجمال ومطالعة أنوار سبحات الوجه الباقي * (خير للذين آمنوا) * الإيمان العيني * (وكانوا يتقون) * بقية الأنائية.
[تفسير سورة يوسف من آية 58 إلى آية 66]
(٣٤٨)
مفاتيح البحث: سورة يوسف (1)، العزّة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»