* (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة) * لتوفي روحهم * (أو يأتي ربك) * بتجليه في جميع الصفات كما مرت الإشارة إليه من تحول الصورة في القيامة، فلا يعرفه إلا الموحدون الكاملون. وأما أهل المذاهب والملل المختلفة فلا يعرفونه إلا في صورة معتقدهم * (أو يأتي بعض آيات ربك) * تجليه في بعض الصفات التي لم يعرفوه بها * (يوم يأتي بعض آيات ربك) * بعض تجلياته التي لم يأنسوا بها أو لم يعرفوها * (لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل) * فإن الناس إما محجوبون مطلقا أو ليسوا كذلك، وهم إما مؤمنون لعرفانهم ببعض الصفات أو بكلها، والمؤمنون به العارفون إياه بكلها إما محبون للذات وإما محبون للصفات، فإذا تجلى الحق ببعض الصفات لا ينفع إيمان المحجوبين مطلقا، وإيمان المؤمنين الذين لم يعرفوه بهذه الصفة من قبل هذا التجلي، إذ الإيمان إنما ينفع إذا صار عقيدة ثابتة راسخة يتمثل بها القلب وتتنور بها النفس وتشاهد بها الروح، لا الذي يقع عند الاضطرار دفعة * (أو كسبت في إيمانها خيرا) * كإيمان العارفين، المحبين للصفات، فإنهم وإن آمنوا به وعرفوا بتجليه بكل الصفات. فلما لم يكتسبوا المحبة الذاتية، والكمال المطلق، وأحبوه ببعض الصفات، كالمنعم مثلا أو اللطيف أو الرحيم فإذا تجلى بصفة المنتقم أو القهار أو المبلي لم ينفعهم الإيمان به، إذ لم يطيعوه من قبل بهذا الوصف ولم يتمرنوا بتجليه ولم يحبوا الذات فيلتذوا بشهوده في أي صفة كانت.
[تفسير سورة الأنعام من آية 159 إلى آية 160] * (إن الذين فرقوا دينهم) * أي: جعلوا دينهم أهواء متفرقة، كالذين غلبت عليهم صفات النفس بجذبهم هذه إلى شيء وهذه إلى شيء فحدثت فيهم أهواء مختلفة، فبقوا حيارى لا جهة لهم ولا مقصد * (وكانوا شيعا) * فرقا مختلفة بحسب غلبة تلك الأهواء يغلب على بعضهم الغضب وعلى بعضهم الشهوة وإن دانوا بدين جعلوا دينهم بحسب غلبة هواهم مادة التعصب ومدد استيلاء تلك القوة الغالبة على القلب ولم يتعبدوا إلا بعادات وبدع، ولم ينقادوا إلا لأهواء وخدع، يعبد كل منهم إلها مجعولا في وهمه، مخيلا في خياله ويجعله سبب الاستطالة والتفرق على الآخر كما نشاهد من أهل المذاهب الظاهرة * (لست منهم في شيء) * أي: لست من هدايتهم ودعوتهم إلى التوحيد في شيء إذ هم أهل التفرقة والاحتجاب بالكثرة لا يجتمع همهم ولا يتحد قصدهم. * (إنما أمرهم إلى الله) * في جزاء تفرقهم لا إليك * (ثم ينبئهم) * عند