تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ١٥١
* (وليبتلي الله ما في صدوركم) * أي: وليمتحن ما في استعدادكم من الصدق والإخلاص واليقين والصبر والتوكل والتجرد وجميع الأخلاق والمقامات، ويخرجها من القوة إلى الفعل * (وليمحص ما في قلوبكم) * أي: وليخلص ما برز منها من مكمن الصدر إلى مخزون القلب من عثرات وساوس الشيطان ودناءة الأحوال وخواطر النفس، فعل ذلك فإن البلاء سوط من سياط الله يسوق به عباده إليه بتصفيتهم عن صفات نفوسهم وإظهار ما فيهم من الكمالات، وانقطاعهم عنده من الخلق ومن النفس إلى الحق. ولهذا كان متوكلا بالأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيانا لفضله: ' ما أوذي نبي مثل ما أوذيت '، كأنه قال: ما صفى نبي مثل ما صفيت. ولقد أحسن من قال:
* لله در النائبات فإنها * صدأ اللئام وصيقل الأحرار * إذ لا يظهر على كل منهم إلا ما في مكمن استعداده كما قيل: عند الامتحان يكرم الرجل أو يهان.
[تفسير سورة آل عمران آية 155] * (استزلهم) * أي: طلب منهم الزلة ودعاهم إليها، وهي زلة التولي * (ببعض ما كسبوا) * من الذنوب. فإن الشيطان إنما يقدر على وسوسة الناس وإنفاذ أمره إذا كان له مجال بسبب أدنى ظلمة في القلب، حادثة من ذنب، وحركة من النفس كما قيل:
الذنب بعد الذنب عقوبة للذنب الأول. * (ولقد عفا الله عنهم) * بالاعتذار - والندم.
[تفسير سورة آل عمران من آية 156 إلى. 16] * (ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم) * أي: يجعل ذلك القول والاعتقاد ضيقا وضنكا وغما في قلوبهم لرؤيتهم القتل والموت مسببا عن فعل، ولو كانوا موقنين موحدين لرأوا أنه من الله، فكانوا منشرحي الصدور * (والله يحيي) * من يشاء في السفر
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»