تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ١٤٠
صلى الله عليه وسلم: ' الله مع الجماعة '. ألا ترى أن الجمعية الإنسانية إذا لم تنضبط برياسة القلب وطاعة العقل كيف اختل نظامها وآلت إلى الفساد والتفرق الموجب لخسارة الدنيا والآخرة، ولما نزل قوله تعالى: * (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) * [الأنعام، الآية: 153]. خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا فقال: ' هذا سبيل الرشد '، ثم خط عن يمينه وشماله خطوطا فقال: ' هذه سبل كل سبيل شيطان يدعوه إليه '.
[تفسير سورة آل عمران من آية 106 إلى آية 109 * (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) * ابيضاض الوجه عبارة عن تنور وجه القلب بنور الحق للتوجه إليه والإعراض عن الجهة السفلية النفسانية المظلمة، وذاك لا يكون إلا بالتوحيد والاستقامة فيه بتنور النفس أيضا بنور القلب. فتكون الجملة متنورة بنور الله واسوداده ظلمة وجه القلب بالإقبال على النفس الطالبة حظوظها والإعراض عن الجهة النورية الحقية لمصادقة النفس ومتابعة الهوى في تحصيل لذاتها، وذلك إنما يكون باتباع السبل المتفرقة الشيطانية. * (فأما الذين اسودت وجوههم) * فيقال لهم:
* (أكفرتم بعد إيمانكم) * أي: احتجبتم عن نور الحق بصفات النفس الظلمانية، وسكنتم في ظلماتها بعد هدايتكم وتنوركم بنور الاستعداد، وصفاء الفطرة وهداية العقل * (فذوقوا) * عذاب الحرمان باحتجابكم عن الحق * (وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله) * التي هي روح الوصال ونور القدس وشهود الجمال * (هم فيها خالدون) *.
[تفسير سورة آل عمران من آية 110 إلى آية 111] * (كنتم خير أمة) * لكونكم موحدين، قائمين بالعدل الذي هو ظله * (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) * إذ لا يقدر على ذلك إلا الموحد العادل لعلمه بالمعروف والمنكر، كما مر في تأويل قوله: * (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) * [البقرة، الآية:
143]. قال أمير المؤمنين عليه السلام: ' نحن النمرقة الوسطى، بنا يلحق التأويل، وإلينا يرجع الغالي '. فيأمرون المقصر بالمعروف الذي يوصله إلى مقام التوحيد،
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»