تعالى في صورة التفاصيل، وحجب الصفات، وتكثر المظاهر أدق وأخفى من معرفته في عين الجمع وهم من رزق حق المتابعة عارفون بذلك وبأحكام تجليات الصفات التي هي الشرائع خاصة دون من عداهم.
[تفسير سورة آل عمران من آية 82 إلى آية 84] * (فمن تولى بعد ذلك) * أي: بعدما علم عهد الله مع النبيين وتبليغ الأنبياء إليه ما عهد الله إليهم * (فأولئك هم الفاسقون) * الخارجون عن دين الله ولا دين غيره معتد به في الحقيقة إلا توهما * (أفغير دين الله يبغون) * وكل من في السماوات والأرض يدين بدينه * (طوعا) * كما عدا الإنسان والشيطان * (وكرها) * كالإنسان والشيطان إذ الكفر لا يسع موجودا سواهما، فكلهم ممتثلون لما أمرهم الله، طائعون. والإنسان لاحتجابه بإرادته ونسيانه عهد الله وقبوله لدعوة الشيطان لمناسبته إياه بالظلمة النفسانية لا يؤمن ولا ينقاد إلا كرها، اللهم إلا من عصمه الله واجتباه، والشيطان لاحتجابه بعجبه وأنيته في قوله * (أنا خير منه) * [الأعراف، الآية: 12] وإبائه، واستكباره كفر، وهو مع ذلك يعلم عصيانه ويؤمن كرها، ويتحقق أن كفره بإرادته تعالى وذلك عين الإيمان، كما قال تعالى: * (كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين 16) * [الحشر، الآية: 16]، وقال تعالى: * (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما ترآءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب 48) * [الأنفال، الآية: 48]، وفي موضع آخر: * (وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل) * [إبراهيم، الآية: 22]، فهذه الآيات دالة على إيمانه ولكن حين لا ينفعه * (وإليه ترجعون) * في العاقبة، فلا يبقى دين غير دين الله بل الكل عند الرجوع يدين بدينه.
* كل يدين بدين الحق لو فطنوا * وليس دين لغير الحق مشروع) * تفسير سورة آل عمران من آية 85