الاجتهاد الحقيقي الذي كان عليه الفقهاء الإمامية خلال العصور اللاحقة.
ومن الملاحظ على هذه الرسائل الإحدى عشرة أنها تعطي بوضوح ما أشرنا إليه سلفا من اهتمام هذا الفقيه العظيم بالمسائل الحيوية والحياتية التي كان يفتقر إليها عصره آنذاك.
فمثلا: نجده في رسالته الأولى التي خصها بما يرجع إلى تقليد الميت.. إذ حققها بشكل دقيق، ووقف أمام أعلام العامة بإثبات عدم جواز تقليد الميت، وحصر الحجية بالمجتهد الحي.. إذ نراه عند مواجهة القائلين بجواز تقليد الميت مستدلين ببرهان النقض بعدم وجود مجتهد في عصر.. إنه يقول: " ما تقولون في الوقائع الخاصة والحوادث الجزئية السانحة التي ليست مذكورة في كتب الفقهاء بخصوصها، وغالب ما يحتاج الناس إليه من هذا القبيل؟.. " (1).
ثم يقول في موضع آخر: " وأيضا حال فروع الدين ليس بأشد من حال أصول الدين، فما تقولون في حال الأقطار والأمكنة التي ليس فيها من يعلم أصول الدين مثل البوادي والقرى والجبال؟... " (2).
ويستنتج من ذا وذاك بحكم البرهان أنه كما يلزم الاجتهاد والبحث في كل عصر، كذا يلزم تقليد المجتهد الحي بلا فرق.
وهذا وأمثاله يوصلنا إلى ضرورة وجود الفقيه فيما لو أريد للمجتمع الإسلامي مواكبة مستجدات العصر، وبقاؤه غضا نضرا يعطي أكله كل حين..
وكذا في المسألة الأخرى المتعارفة آنذاك، أعني: " حكم متعة الصغيرة " إذ هو بعد أن نقح - وبشكل دقيق للموضوع وأدلته ومحتملاته - قال: " فقد ظهر بما