الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة المقدمة ٤
" أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا... " (1) مما كان يمنح الراوي عند دركه لمضمون كلام المعصوم (عليه السلام) عنوان فقيه.. أصبحت اليوم تطلق على من يغوص في بحار العلوم النقلية، ويسلك سبيل الاجتهاد الذي أخذ فيه الجد والعناء، حتى أنه ينقل عن المحقق العراقي (رحمه الله) أنه قد عد الاجتهاد في الفقه بمثابة قلع الجبال بالإبر والمسامير.
وعليه، فإن الفقه والتفقه في الدين حاز مقام رفيع إلهي وعناية ربانية ألبسه الشارع المقدس لباس الوجوب، وأسبغ عليه المعصوم (عليه السلام) - ببيانه الرائع - معنى أخلاقي رفيع، إذ قال: " ليت السياط على رؤوس أصحابي حتى يتفقهوا في الحلال والحرام " (2).
بل عد الكمال الإنساني في الفقاهة والفهم، إذ قال سلام الله عليه: " الكمال كل الكمال التفقه في الدين... " (3).
حتى أن الوصول إلى ذاك المقام الرفيع عد علامة العناية الخاصة الإلهية لمن يتلبس بها، إذ قال (عليه السلام): " إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين " (4). وبذا استحق عند فقده أن تندبه ملائكة السماء وسكان الأرض، إذ قال (عليه السلام): " إذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة، وبقاع الأرض التي كان يعبد الله تعالى عليها، وأبواب السماء التي كان يصعد فيها بأعماله، وثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شئ، لأن المؤمنين الفقهاء حصون " (5).

(١) معاني الأخبار: ١ الحديث ١، وأورده في بحار الأنوار: ٢ / ١٨٣ الحديث ٣.
(٢) المحاسن: ١ / ٣٥٨ الحديث ٧٦٥، وعنه في بحار الأنوار: ١ / ٢١٣ الحديث ١٢.
(٣) تحف العقول: ٢٩٢، ونص عليه في بحار الأنوار: ٧٥ / ١٧٢ الحديث ٣.
(٤) أمالي المفيد: ١٥٧ الحديث ٩، وحكاه عنه في بحار الأنوار: ١ / ٢١٧ الحديث ٣٣.
(٥) الكافي: ١ / 38 الحديث 3.
(المقدمة ٤)
الفهرست